إجراءات إصدار قرار التحكيم ؟

قرار التحكيم هو المرحلة النهائية والحاسمة في عملية التحكيم، وهي وسيلة بديلة لتسوية النزاعات خارج نطاق المحاكم التقليدية. في هذا الإطار، يقوم المحكم أو هيئة التحكيم بإصدار قرار ملزم للأطراف المتنازعة. يتميز التحكيم بسرعته ومرونته مقارنة بالتقاضي التقليدي، وهو ما يجعله خيارًا مفضلاً للكثير من الشركات والأفراد، خصوصًا في النزاعات التجارية والمالية الدولية. هذه المقالة تستعرض بشكل شامل مفهوم قرار التحكيم، الإجراءات المرتبطة بإصداره، التحديات التي قد تواجه تنفيذه، والآثار القانونية والاقتصادية المترتبة عليه.

 تعريف قرار التحكيم ؟

  • قرار التحكيم هو الحكم النهائي الذي يصدره المحكم أو هيئة التحكيم بعد دراسة وتحليل الأدلة والحجج المقدمة من الأطراف المتنازعة.
  • يُعتبر هذا القرار ملزمًا للطرفين، ويهدف إلى حل النزاع بشكل نهائي دون اللجوء إلى المحاكم.
  • يمكن اعتبار قرار التحكيم بمثابة حكم قضائي، حيث يُلزم الأطراف بتنفيذ ما جاء فيه ضمن الحدود المتفق عليها في اتفاق التحكيم.

مميزات قرار التحكيم:

  1. النهائية: يتميز قرار التحكيم بالنهائية ولا يمكن استئنافه إلا في حالات استثنائية.
  2. المرونة: يمنح التحكيم للأطراف القدرة على اختيار المحكمين والإجراءات التي تناسبهم.
  3. السرعة: التحكيم عادة أسرع من إجراءات المحاكم التقليدية التي قد تستغرق سنوات.
  4. السرية: تظل تفاصيل النزاع وقرار التحكيم سرية، على عكس المحاكم التي تكون فيها الجلسات والأحكام علنية.

إجراءات إصدار قرار التحكيم ؟

هذه الإجراءات تختلف من نظام قانوني لآخر، لكنها غالبًا ما تتبع الخطوات التالية:

بدء إجراءات التحكيم:

  • بعد أن يتفق الأطراف على اللجوء إلى التحكيم لحل النزاع، يتم تعيين المحكم أو هيئة التحكيم.
  • هذا الاتفاق قد يكون منصوصًا عليه في عقد مسبق بين الأطراف أو يتم التوصل إليه بعد نشوء النزاع.

تحديد إجراءات التحكيم :

  • يحدد الأطراف والمحكمون القواعد والإجراءات التي ستُتبع في عملية التحكيم، بما في ذلك مكان التحكيم، اللغة، ومدة الجلسات.
  • قد يتم الاستناد إلى قواعد مؤسسات تحكيم معروفة مثل غرفة التجارة الدولية (ICC) أو محكمة لندن للتحكيم الدولي (LCIA).

جمع الأدلة :

  • يحق لكل طرف تقديم الأدلة والمستندات الداعمة لموقفه، ويقوم المحكم أو هيئة التحكيم بدراسة هذه الأدلة بعناية.
  • في هذه المرحلة، قد يُطلب من الشهود الإدلاء بشهاداتهم، وقد تُجرى جلسات استماع.

المرافعات :

  • بعد تقديم الأدلة والشهادات، يُتاح لكل طرف فرصة لتقديم مرافعاته الختامية.
  • يتمثل الهدف من هذه المرحلة في تلخيص الموقف القانوني لكل طرف أمام هيئة التحكيم.

المداولة :

  • بعد انتهاء الجلسات وتقديم المرافعات، يدخل المحكمون في مرحلة المداولة،
  • وهي المرحلة التي يتم فيها دراسة كافة الجوانب المتعلقة بالنزاع واتخاذ القرار النهائي.

إصدار القرار :

  • يتم إصدار قرار التحكيم في شكل حكم مكتوب يتضمن الأسباب القانونية التي استند إليها المحكمون في اتخاذ قرارهم.
  • يُعد هذا القرار ملزمًا للأطراف وعليهم الالتزام بتنفيذه.

تنفيذ القرار:

إذا لم يمتثل الطرف الخاسر للحكم التحكيمي بشكل طوعي، يمكن للطرف الآخر اللجوء إلى المحاكم الوطنية لتنفيذ الحكم.

 شروط صحة قرار التحكيم ؟

لضمان صحة وفعالية قرار التحكيم، يجب أن يستوفي القرار مجموعة من الشروط القانونية التي تضمن تنفيذه دون اعتراضات قانونية. ومن أبرز هذه الشروط :

الاستناد إلى اتفاق تحكيم صحيح :

  • يجب أن يكون قرار التحكيم مستندًا إلى اتفاق تحكيم صحيح وقانوني بين الأطراف.
  • إذا كان الاتفاق باطلاً أو غير قانوني، فإن القرار الصادر بناءً عليه قد يكون عرضة للإلغاء.

الإجراءات العادلة :

  • يجب أن تلتزم هيئة التحكيم بالإجراءات العادلة وتمنح كل طرف فرصة متكافئة لتقديم قضيته.
  • أي خرق لحقوق الدفاع أو عدم إعطاء فرصة لأحد الأطراف لعرض قضيته قد يؤدي إلى بطلان القرار.

التزام المحكم بالاختصاص :

  • يجب على المحكم أو هيئة التحكيم أن تلتزم بالاختصاص المحدد في اتفاق التحكيم.
  • إذا تجاوز المحكم حدود اختصاصه، يمكن للطرف المتضرر الطعن في القرار.

صدور القرار ضمن المدة المحددة :

  • في بعض الأنظمة القانونية، يُحدد اتفاق التحكيم أو القوانين المحلية مدة زمنية يجب على المحكمين إصدار القرار خلالها.
  • إذا تجاوزت الهيئة هذه المدة دون مبرر، يمكن أن يؤدي ذلك إلى بطلان الحكم.

مراعاة النظام العام :

  • يجب أن يكون قرار التحكيم متوافقًا مع المبادئ الأساسية للنظام العام في الدولة التي يُطلب فيها تنفيذ الحكم.
  • إذا كان القرار مخالفًا للنظام العام، يمكن رفض تنفيذه.

 التحديات التي تواجه تنفيذ قرارات التحكيم ؟

رغم أن قرارات التحكيم تُعتبر نهائية وملزمة، إلا أن تنفيذها قد يواجه تحديات متعددة. ومن بين هذه التحديات :

 التنفيذ لأسباب قانونية :

  • بعض المحاكم قد ترفض تنفيذ قرار التحكيم إذا كان مخالفًا للنظام العام، أو إذا تم الوصول إلى القرار بناءً على إجراءات غير قانونية.

تحديات عبر الحدود :

  • في حالات التحكيم الدولي، قد يواجه الأطراف صعوبات في تنفيذ قرارات التحكيم عبر الحدود،
  • خاصة إذا كان الطرف المدين يقيم في دولة لا تعترف بقرارات التحكيم الأجنبية.

إجراءات الطعن :

  • في بعض الأنظمة القانونية، يُسمح للطرف المتضرر بالطعن في قرار التحكيم أمام المحاكم المحلية،
  • رغم أن الطعون في قرارات التحكيم تكون محدودة وغالبًا ما تقتصر على الأمور الإجرائية.

التحفظات الثقافية والسياسية :

  • قد ترفض بعض الدول تنفيذ قرارات التحكيم التي تتعلق بمواضيع حساسة مثل النفط والغاز أو النزاعات المتعلقة بسيادة الدولة، وذلك لأسباب سياسية أو ثقافية.

غياب الأصول الكافية للتنفيذ :

  • حتى لو تم الاعتراف بالقرار من قبل المحاكم،
  • قد يكون من الصعب تنفيذه إذا لم يكن لدى الطرف المحكوم عليه أصول كافية أو إذا تم تهريب أصوله خارج نطاق الولاية القضائية.

الطعن في قرارات التحكيم ؟

رغم أن قرارات التحكيم تُعتبر نهائية وملزمة، إلا أن هناك حالات محدودة يمكن فيها الطعن في هذه القرارات أمام المحاكم. وتشمل هذه الحالات:

عيوب في الإجراءات:

  • إذا ثبت أن الإجراءات التي اتبعها المحكمون لم تكن عادلة أو شابها خرق لحقوق الدفاع، يمكن الطعن في القرار.

تجاوز اختصاص المحكمين :

  • إذا تجاوز المحكمون اختصاصهم المحدد في اتفاق التحكيم، يمكن للطرف المتضرر الطعن في القرار أمام المحكمة.

مخالفة النظام العام :

  • إذا كان القرار مخالفًا للنظام العام في الدولة التي يُطلب فيها تنفيذه، يمكن رفض تنفيذ القرار أو الطعن فيه.

عدم احترام اتفاق التحكيم :

  • إذا ثبت أن قرار التحكيم خالف شروط اتفاق التحكيم أو تجاوز حدوده، يمكن الطعن فيه.

الاحتيال أو الفساد :

  • إذا تم الوصول إلى قرار التحكيم بناءً على احتيال أو فساد، يمكن الطعن في القرار.

الآثار المترتبة على تنفيذ قرار التحكيم ؟

تنفيذ قرار التحكيم له آثار قانونية واقتصادية واجتماعية متعددة على الأطراف وعلى النظام القانوني بشكل عام:

حسم النزاع بشكل نهائي :

بمجرد تنفيذ قرار التحكيم، يُعتبر النزاع بين الأطراف منتهيًا. هذا يوفر الاستقرار ويعزز من الثقة في التحكيم كوسيلة لحل النزاعات.

تعزيز الثقة في التحكيم :

  • تنفيذ قرارات التحكيم بشكل فعّال يعزز من ثقة الأطراف في التحكيم كوسيلة فعالة لحل النزاعات،
  • مما يشجع المزيد من الأفراد والشركات على اللجوء إلى التحكيم بدلاً من المحاكم التقليدية.

التأثير على العلاقات التجارية :

  • تنفيذ قرار التحكيم يمكن أن يؤثر بشكل كبير على العلاقات التجارية بين الأطراف.
  • في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي القرار إلى نهاية الشراكة التجارية، بينما في حالات أخرى، قد يساعد في إعادة بناء الثقة بين الأطراف.

تأثيرات مالية :

  • يمكن أن يكون لقرارات التحكيم تأثير مالي كبير على الأطراف.
  • الطرف الذي يصدر الحكم لصالحه قد يحصل على تعويض مالي كبير، بينما الطرف الخاسر قد يواجه تداعيات مالية سلبية.

 

وللمزيد من المعلومات حول الاستشارات القانونية، يمكنك الاستعانة بمحام  من مكتب الزيات للمحاماة والاستشارات القانونية. وذلك بفضل خبرته الكبيرة في المسائل القضائية بأنواعها. كما يمكنك أيضًا معرفة المزيد عن مكتب والتواصل معنا عن طريق الضغط هنا أو من خلال النموذج التالي: