حقوق المرأة في قوانين الطلاق بين الشريعة والقانون الوضعي ؟

تُعد مسألة الطلاق واحدة من القضايا الاجتماعية الهامة التي تؤثر في حياة الأفراد والمجتمعات، ولها بعد ديني وقانوني عميق. على مر العصور، اختلفت التشريعات القانونية والقيم الاجتماعية في معالجة موضوع الطلاق، وكان للمرأة دور كبير في هذا السياق، خاصة في ما يتعلق بحقوقها في مرحلة الطلاق. وعلى الرغم من أن الشريعة الإسلامية قد نظمت حقوق المرأة في الطلاق بشكل دقيق وواضح، فإن القوانين الوضعية التي تتبعها الدول في العصر الحديث قد أضافت أو غيّرت بعض هذه الحقوق استجابة للتحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

من هنا، تهدف هذه المقالة إلى دراسة حقوق المرأة في قوانين الطلاق بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، مع التركيز على المزايا والقيود التي تمنحها كل من الشريعة والقانون للمرأة في هذا السياق.

 حقوق المرأة في الطلاق في الشريعة الإسلامية ؟

  • الشريعة الإسلامية تعتبر الطلاق أمرًا مشروعًا ولكنه مكروه، وقد نظمت حقوق الزوجين في الطلاق بشكل متوازن يراعي مصالح الطرفين.
  • وفيما يخص حقوق المرأة، فقد حددت الشريعة عدة جوانب تتعلق بالطلاق، حيث وضعت حقوقًا واضحة تشمل:

حق المرأة في الطلاق (الخلع) :

  • في الشريعة الإسلامية، يمكن للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها بموافقة الأخير أو من خلال الخلع.
  • الخلع هو نوع من الطلاق الذي يسمح للمرأة بطلب الطلاق في حال كرهت الزوج أو شعرت بعدم الراحة في الحياة الزوجية، بشرط أن تُعيد المهر الذي دفعه الزوج لها.
  • يُعتبر الخلع حقًا للمرأة إذا كانت الحياة الزوجية مستحيلة أو غير مرضية لها، وهو يتيح لها الانفصال عن الزوج دون الحاجة إلى تقديم أسباب قاسية.

الحقوق المالية في الطلاق :

  • أحد الحقوق الأساسية التي تكفلها الشريعة الإسلامية للمرأة في الطلاق هو “المهر” و”النفقة”.
  • عند الطلاق، يحق للمرأة الحصول على المهر الذي دفعه الزوج لها في بداية الزواج.
  • في حالة الطلاق البائن (الذي لا يمكن فيه العودة دون عقد جديد)، يحصل الزوج على حقه في المهر كاملاً.
  • النفقة: في الطلاق الذي يتضمن فترة العدة، يحق للمرأة الحصول على النفقة من الزوج طوال هذه الفترة. وعادةً ما يتم تحديد مقدار النفقة بناءً على قدرة الزوج المالية.
  • العدة: يُشترط في الطلاق الإسلامي أن تمر المرأة بفترة العدة، وهي فترة تمتد لعدة أشهر، قبل أن تتمكن من الزواج مرة أخرى. خلال فترة العدة، يجب على الزوج توفير النفقة للمرأة، كما يحق لها السكن في منزل الزوجية.

حق المرأة في الحضانة :

  • الشرع يضمن للمرأة حق حضانة الأطفال بعد الطلاق، بشرط أن تكون الحضانة في مصلحة الطفل.
  • عادةً ما يُمنح هذا الحق للمرأة طالما كانت قادرة على رعاية الطفل في بيئة صحية وآمنة.
  • ولكن قد يحدث في بعض الحالات أن يُمنح الأب حق الحضانة إذا كانت الظروف تغيرت أو إذا كانت المرأة غير قادرة على رعاية الأطفال.

الحقوق المتعلقة بالمعاملة الحسنة :

  • في الشريعة الإسلامية، يُشدد على المعاملة الحسنة للمرأة، سواء في حال الحياة الزوجية أو بعد الطلاق.
  • يُنص على أن الرجل يجب أن يعامل المرأة بالمعروف أثناء الطلاق، وألا يظلمها أو يضرها بأي شكل من الأشكال.

حقوق المرأة في الطلاق في القوانين الوضعية ؟

  • في العالم المعاصر، تطورت القوانين الوضعية لتواكب التحولات الاجتماعية والسياسية التي شهدتها المجتمعات.
  • وبينما تعتمد بعض الدول على الشريعة الإسلامية كأساس لتشريعات الطلاق،
  • فإن الدول الأخرى قد تبنت أنظمة قانونية تختلف عن الشريعة في كيفية تنظيم حقوق المرأة في الطلاق.
  • تتنوع هذه القوانين في مختلف الدول، ولكن هناك بعض النقاط المشتركة التي يمكن ملاحظتها فيما يتعلق بحقوق المرأة في الطلاق.

حقوق المرأة في الطلاق في القوانين المدنية :

  • في العديد من الدول التي تعتمد النظام القانوني المدني، مثل فرنسا، تعتبر حقوق المرأة في الطلاق أكثر اتساعًا مقارنة بالقوانين التقليدية.
  • في هذه البلدان، يُسمح للمرأة بالطلب من المحكمة الطلاق لأسباب عديدة تتعلق بالمعاملة السيئة، الخيانة، أو الأضرار النفسية والجسدية التي قد تلحق بها.
  • وتمنح هذه القوانين المرأة حقًا أكبر في رفع دعاوى الطلاق لأسباب تتعلق بالمعاملة السيئة أو الخيانة الزوجية.

النفقة والتقسيم المالي :

  • في العديد من القوانين الوضعية، تُعتبر مسألة النفقة من القضايا الرئيسية في الطلاق.
  • يُلزم الزوج عادةً بدفع النفقة للمرأة بعد الطلاق، خاصة إذا كانت المرأة بحاجة إلى دعم مالي.
  • كما يتم تقسيم الممتلكات بشكل عادل بين الزوجين، وهو ما يختلف عن الشريعة الإسلامية التي قد تقتصر على حقوق مالية محددة مثل المهر والنفقة.
  • التقسيم العادل للممتلكات: في القوانين الوضعية، يُعتبر تقسيم الممتلكات حقًا للمرأة بعد الطلاق،
  • حيث يُنظم قانونيًا تقسيم أي ممتلكات أو أموال تم جمعها أثناء الزواج بشكل عادل بين الطرفين.

حق الحضانة ورعاية الأطفال :

  • في معظم الدول، يتم منح الأم عادةً حق حضانة الأطفال بعد الطلاق، خاصة إذا كان الأطفال في سن صغيرة.
  • ومع ذلك، قد تتغير هذه القوانين بناءً على مصلحة الطفل أو قد يتم منح حق الحضانة للأب في بعض الحالات إذا كانت هناك أسباب مقنعة لذلك.
  • الحقوق المشتركة: بعض القوانين الوضعية تشجع على “الحضانة المشتركة”، حيث يظل الأب والأم يشتركان في المسؤولية عن تربية الأطفال بعد الطلاق.
  • هذا قد يُعتبر تحسينًا مقارنةً بالشريعة الإسلامية في بعض الحالات التي تركز فيها على منح الحضانة للمرأة فقط.

الإجراءات القضائية السريعة :

  • في العديد من الدول التي تتبع القوانين الوضعية، يُسمح بإجراءات طلاق أسرع وأسهل من الشريعة الإسلامية.
  • على سبيل المثال، قد يتمكن الزوجان من الحصول على الطلاق بسرعة نسبية إذا اتفقا على تفاصيل الطلاق بشكل ودي،
  • دون الحاجة للانتظار فترات طويلة أو الخضوع لعدة المحاكم.

عدم فرض القيود الاجتماعية على المرأة بعد الطلاق :

  • في معظم القوانين الوضعية، يتم تقييد القيود الاجتماعية التي كانت تفرضها بعض التقاليد الثقافية على المرأة بعد الطلاق.
  • على سبيل المثال، في بعض البلدان الغربية، لا يُطلب من المرأة أن تعيش فترة “عدة” بعد الطلاق،
  • مما يعكس موقفًا اجتماعيًا يساهم في استقلالية المرأة وحقوقها الشخصية.

 مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي ؟

رغم أن كلا النظامين، الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، يهدفان إلى حماية حقوق المرأة في الطلاق، إلا أن هناك اختلافات مهمة في كيفية تنظيم هذه الحقوق.

الحق في الطلاق :

  • في الشريعة الإسلامية، يمكن للمرأة أن تطلب الطلاق من خلال الخلع في حال كرهت الزوج أو كانت الحياة الزوجية غير مرضية لها.
  • بينما في القوانين الوضعية، يُسمح للمرأة بالطلب الطلاق بناءً على أسباب متعددة مثل المعاملة السيئة أو الخيانة.

الحقوق المالية بعد الطلاق :

  • في الشريعة الإسلامية، يحق للمرأة الحصول على المهر والنفقة خلال فترة العدة، ولكنها قد لا تتلقى دعمًا ماليًا طويل الأمد.
  • في القوانين الوضعية، تُمنح المرأة حقوقًا أكبر في ما يتعلق بتقسيم الممتلكات والنفقة، ويمكن أن تشمل ذلك دعمًا طويل الأمد في بعض الحالات.

حق الحضانة :

  • في الشريعة الإسلامية، يُمنح حق الحضانة للأم في معظم الحالات، ولكنها قد تُفقد هذا الحق إذا تغيرت الظروف.
  • في القوانين الوضعية، يتم منح حق الحضانة للأم غالبًا، مع إمكانية الحضانة المشتركة في بعض الحالات.

الإجراءات القانونية :

  • في الشريعة الإسلامية، تُعد إجراءات الطلاق أكثر تعقيدًا وقد تتطلب فترة طويلة (مثل فترة العدة) قبل أن يُنفذ الطلاق.
  • في القوانين الوضعية، يمكن أن تكون الإجراءات أسرع وأكثر سهولة.

وللمزيد من المعلومات حول الاستشارات القانونية، يمكنك الاستعانة بمحام  من مكتب الزيات للمحاماة والاستشارات القانونية. وذلك بفضل خبرته الكبيرة في المسائل القضائية بأنواعها. كما يمكنك أيضًا معرفة المزيد عن مكتب والتواصل معنا عن طريق الضغط هنا أو من خلال النموذج التالي: