دراسة مقارنة بين المسؤولية العقدية والتقصيرية في التشريع العربي ؟

المسؤولية القانونية هي مبدأ أساسي في النظم القانونية الحديثة، وتلعب دورًا حاسمًا في حماية حقوق الأفراد وضمان التوازن بين أطراف العلاقات القانونية. تتفرع المسؤولية القانونية إلى نوعين رئيسيين: المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية. كلا النوعين يتعلقان بالأضرار التي قد يتعرض لها الأفراد نتيجة للأفعال أو الإخفاقات في أداء الواجبات القانونية، لكنهما يختلفان في الأساس والمجالات التي يتم تطبيقهما فيها.

في هذا المقال، سيتم تناول مقارنة بين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية في التشريعات العربية، مع التركيز على التشريعات المدنية في بعض الدول العربية مثل مصر، السعودية، والإمارات. سنستعرض الأسس التي تقوم عليها هذه المسؤوليات، وأوجه التشابه والاختلاف بينهما، وكيفية تطبيق هذه المسؤوليات في القضاء والتعامل معها في الحياة العملية.

مفهوم المسؤولية العقدية ؟

  • المسؤولية العقدية هي المسؤولية التي تنشأ نتيجة إخلال أحد الأطراف بشروط عقد قد تم إبرامه بين أطرافه.
  • وتهدف المسؤولية العقدية إلى حماية الحقوق والمصالح المترتبة على العقد.
  • وعندما يخل أحد الأطراف بالتزاماته التعاقدية، يكون ملزمًا بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالطرف الآخر نتيجة لهذا الإخلال.

الأساس القانوني للمسؤولية العقدية :

  • تقوم المسؤولية العقدية على العقد نفسه كأداة قانونية ملزمة، حيث يعتمد الطرفان على الوفاء بالتزامات العقد لتحقيق المصالح المتبادلة.
  • فإذا وقع إخلال من أي طرف، يتم تحميله المسؤولية القانونية بموجب العقد.
  • هذا النوع من المسؤولية يتطلب أن يكون هناك عقد قائم بين الأطراف وأن يكون هناك إخلال أو تأخير أو عدم أداء التزام تعاقدي.

الركائز الأساسية للمسؤولية العقدية:

  1. وجود عقد: يجب أن يكون هناك عقد قانوني ساري المفعول بين الأطراف.
  2. إخلال أحد الأطراف: يجب أن يكون هناك إخلال فعلي من طرف واحد أو أكثر من الأطراف بالعقد.
  3. العلاقة السببية: يجب أن يكون هناك علاقة سببية بين الإخلال بالعقد والأضرار التي لحقت بالطرف الآخر.
  4. الإرادة الحرة: تتطلب المسؤولية العقدية أن يكون العقد قد تم التوقيع عليه بإرادة حرة من الأطراف.

التطبيق في التشريع العربي :

  • في التشريع المصري، تنظم المسؤولية العقدية بموجب القانون المدني المصري (المواد من 188 إلى 199)، حيث ينص القانون على أن المسؤولية العقدية تنشأ عن إخلال أحد الأطراف بالتزاماته الناشئة عن العقد، ويلزم هذا الطرف بالتعويض عن الأضرار التي تصيب الطرف الآخر نتيجة لهذا الإخلال.
  • أما في التشريع السعودي، فإن المسؤولية العقدية تُنظم وفقًا للأحكام المنصوص عليها في مجموعة القوانين المدنية، مثل نظام المعاملات المدنية السعودي. يتم التحكيم في حال وجود نزاع بين الأطراف عبر المحاكم التجارية أو المختصة بالنزاعات العقدية.
  • في التشريع الإماراتي، تُعد المسؤولية العقدية جزءًا من القوانين المدنية الإماراتية، وينص القانون المدني الإماراتي على أن أي إخلال بشروط العقد يترتب عليه مسؤولية قانونية تتطلب تعويض المتضرر.

مفهوم المسؤولية التقصيرية ؟

  • المسؤولية التقصيرية هي المسؤولية التي تنشأ عن أفعال غير مشروعة أو إهمال يؤدي إلى الإضرار بالآخرين، سواء كان هناك عقد بين الأطراف أم لا.
  • يُطلق عليها أحيانًا “المسؤولية غير التعاقدية”، لأنها لا تعتمد على عقد بين الأطراف، بل على إخلال القواعد العامة للسلامة أو القانون، مما يؤدي إلى إلحاق الضرر بالأشخاص أو الممتلكات.

الأساس القانوني للمسؤولية التقصيرية :

  • تقوم المسؤولية التقصيرية على فكرة أن الشخص الذي يتسبب في ضرر للآخرين بسبب سلوكه غير المشروع يجب أن يتحمل المسؤولية عن هذا الضرر.
  • هذه المسؤولية تستند إلى مبدأ المسؤولية عن الأفعال الضارة أو التقصير، ويشمل ذلك الأفعال التي قد تكون متعمدة أو نتيجة للإهمال أو التسبب غير المباشر في الأضرار.

الركائز الأساسية للمسؤولية التقصيرية:

  1. إلحاق الضرر: يجب أن يكون هناك ضرر قد وقع على الشخص أو ممتلكاته.
  2. سلوك غير مشروع أو تقصير: يجب أن يكون الفعل قد تم من قبل الشخص بطريقة غير مشروعة أو نتيجة للإهمال.
  3. العلاقة السببية: يجب أن يكون هناك ارتباط بين الفعل الضار والضرر الواقع على الشخص.
  4. القدرة على التنبؤ بالضرر: في بعض الأنظمة القانونية، قد يشترط أن يكون الضرر الذي وقع متوقعًا من الطرف المخطئ.

التطبيق في التشريع العربي :

  • في التشريع المصري، يتم تنظيم المسؤولية التقصيرية في القانون المدني المصري في المواد من 163 إلى 172.
  • ينص القانون على أن كل من يتسبب في ضرر للآخر نتيجة سلوكه غير المشروع، سواء كان فعلًا عمديًا أو بسبب الإهمال، يجب عليه تعويض المتضرر.
  • أما في التشريع السعودي، يتم تنظيم المسؤولية التقصيرية في نظام المعاملات المدنية،
  • حيث تُعتبر المسؤولية التقصيرية جزءًا من القواعد العامة للمسؤولية.
  • يحدد النظام تعويضات للأضرار التي تنتج عن الأفعال غير المشروعة أو الإهمال الذي يؤدي إلى الضرر.
  • وفي التشريع الإماراتي، ينظم القانون المدني الإماراتي المسؤولية التقصيرية في المواد من 282 إلى 285،
  • حيث يُلزم الشخص الذي يتسبب في ضرر للآخرين بسبب تقصيره بتعويض الضرر الناتج عن سلوكه.

 مقارنة بين المسؤولية العقدية و المسؤولية التقصيرية ؟

المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية هما نوعان من المسؤولية القانونية التي تهدف إلى تعويض الأضرار الناجمة عن تصرفات غير قانونية أو غير مشروعة :

 الأساس القانوني :

  • المسؤولية العقدية تقوم على وجود عقد بين الأطراف، في حين أن المسؤولية التقصيرية لا تتطلب أي عقد، بل تنشأ عن الأفعال غير المشروعة أو الإهمال.

نطاق التطبيق :

  • المسؤولية العقدية تُطبَّق في حالة وجود عقد بين الأطراف،
  • بينما المسؤولية التقصيرية تطبق في كافة الحالات التي تنشأ فيها أضرار نتيجة لأفعال غير مشروعة أو تقصيرية، سواء كان هناك عقد أم لا.

 تعويض الأضرار :

  • في المسؤولية العقدية، يتم التعويض عن الأضرار التي تنتج عن إخلال بالعقد.
  • بينما في المسؤولية التقصيرية، يتم التعويض عن الأضرار الناجمة عن الأفعال غير المشروعة أو التقصيرية،
  • بما في ذلك الحوادث والأضرار التي تصيب الأشخاص والممتلكات.

 العلاقة السببية :

  • في المسؤولية العقدية، يجب أن يكون هناك علاقة سببية واضحة بين الإخلال بالالتزامات العقدية والضرر الواقع على الطرف الآخر.
  • في حين أن في المسؤولية التقصيرية، يجب أن يكون الفعل الضار هو السبب المباشر للضرر.

 التوقع والإرادة :

  • في المسؤولية العقدية، يجب أن تكون هناك إرادة حرة بين الأطراف في توقيع العقد.
  • أما في المسؤولية التقصيرية، فإن التوقع ليس شرطًا أساسيًا، بل يكفي أن يكون الضرر ناتجًا عن الفعل التقصيري.

 

وللمزيد من المعلومات حول الاستشارات القانونية، يمكنك الاستعانة بمحاممن مكتب الزيات للمحاماةوالاستشارات القانونية. وذلك بفضل خبرته الكبيرة في المسائل القضائية بأنواعها. كما يمكنك أيضًا معرفة المزيد عن مكتب والتواصل معنا عن طريق الضغط هناأو من خلال النموذج التالي: