في قضايا الميراث، تُعد الوثائق الرسمية أحد أهم عناصر الإثبات التي يُعتمد عليها في تحديد حقوق الورثة. من بين هذه الوثائق، يبرز مصطلح “إعلام الوراثة” باعتباره إجراءً قانونيًا جوهريًا في نقل الحقوق وتحديد الورثة المستحقين. لكن في بعض الأنظمة القانونية، وخاصة تلك التي تأخذ بالشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي، يظهر مصطلح “الإعلام الشرعي” كوثيقة شبيهة. فما الفرق بين إعلام الوراثة والإعلام الشرعي؟ وما الوظيفة التي يؤديها كل منهما؟ وهل هما وجهان لعملة واحدة أم أن لكل منهما طبيعة قانونية مختلفة؟ هذا ما سنتناوله بالتفصيل في هذه المقالة.
تعريف إعلام الوراثة ؟
- إعلام الوراثة هو مستند قانوني يصدر من المحكمة المختصة بناءً على طلب من أحد الورثة أو ذوي الشأن،
- ويهدف إلى تحديد من هم الورثة الشرعيون لشخص متوفى، وتحديد أنصبتهم وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين المعمول بها في بلد ما.
خصائص إعلام الوراثة :
- يُصدر من محكمة الأحوال الشخصية أو المحكمة الجزئية المختصة.
- يُستند فيه إلى شهادة الشهود وعدد من المستندات كعقد الزواج، شهادات الميلاد، وشهادة الوفاة.
- لا يُحدد مقدار التركة، وإنما يكتفي بذكر الورثة الشرعيين فقط.
- يُعتبر وثيقة إثبات للورثة في جميع الإجراءات القانونية والمالية.
تعريف الإعلام الشرعي ؟
- الإعلام الشرعي هو إجراء مشابه يُستخدم في بعض البلدان ذات الطابع الديني،
- ويصدر عن جهات قضائية أو شرعية، ويُستند فيه إلى قواعد الشريعة الإسلامية تحديدًا لتحديد الورثة ومقدار الأنصبة،
- ويُعد أيضًا سندًا رسميًا لإثبات حق الورثة في تركة المورث.
خصائص الإعلام الشرعي :
- يصدر عادة عن جهة ذات طابع شرعي كالمحاكم الشرعية أو دوائر الإفتاء في بعض البلدان.
- يُراعى فيه التطبيق الحرفي لأحكام المواريث في الشريعة.
- قد يُطلب في المعاملات التي تتطلب تدقيقًا شرعيًا خاصًا كالأوقاف أو القسمة داخل الأسرة.
- يمكن أن يكون له طابع إداري أكثر من كونه طابعًا قضائيًا في بعض الدول.
ما أوجه التشابه بين إعلام الوراثة والإعلام الشرعي ؟
رغم اختلاف المصطلحين، إلا أن بينهما تقاطعًا واضحًا في عدة جوانب:
- الهدف المشترك: كلا الوثيقتين يهدفان إلى تحديد الورثة المستحقين لحقوق الميراث.
- الاعتماد على الشريعة: حتى إعلام الوراثة الذي يصدر من محكمة مدنية، فإنه يستند إلى قواعد المواريث في الشريعة الإسلامية.
- الحاجة لإثبات الوفاة والقرابة: كلاهما يشترط تقديم شهادة الوفاة، والأوراق التي تثبت صلة القرابة.
- القيمة الإثباتية: يُعتمد عليهما أمام الجهات الرسمية والمصرفية كدليل على من له الحق في الميراث.
ما هي الفروق الجوهرية بين إعلام الوراثة والإعلام الشرعي ؟
الفروق الجوهرية بين إعلام الوراثة والإعلام الشرعي تكمن في عدة جوانب قانونية وإجرائية، وتتمثل فيما يلي:
1. الجهة المختصة بالإصدار :
- إعلام الوراثة: يُصدر من المحكمة الابتدائية أو محكمة الأسرة بناءً على طلب رسمي يُقدمه أحد الورثة.
- الإعلام الشرعي: يُصدر من المحكمة الشرعية أو الجهة الدينية المعنية، وقد لا يكون عبر دعوى قضائية بل من خلال إجراء إداري.
2. الإجراءات المتبعة :
- إعلام الوراثة: يتطلب تقديم طلب رسمي، إعلان الورثة، نشر إعلان في الجريدة الرسمية، وسماع شهادة الشهود.
- الإعلام الشرعي: قد يكتفي بطلب شفهي أو مكتوب، ويعتمد على بيانات مقدمة دون إعلان رسمي، خاصة في بعض الدول.
3. القيمة القانونية :
- إعلام الوراثة: يُعد حكمًا قضائيًا له قوة تنفيذية، ويمكن الطعن عليه في بعض الحالات.
- الإعلام الشرعي: في بعض الدول، يُعد مجرد وثيقة إثبات وليس له قوة تنفيذية مباشرة، ما لم يُحول إلى حكم قضائي.
4. مدى القبول في المؤسسات :
- إعلام الوراثة: مقبول لدى البنوك، الجهات الحكومية، والسجلات العقارية.
- الإعلام الشرعي: قد يُرفض في المعاملات الرسمية ما لم يتم تدعيمه بإعلام وراثة مدني.
أهم الأمثلة من النظم القانونية المقارنة ؟
إليك أهم الأمثلة من النظم القانونية المقارنة التي توضح الفرق بين إعلام الوراثة والإعلام الشرعي كما يُطبق في بعض الدول العربية:
مصر :
- في مصر، لا يُستخدم مصطلح الإعلام الشرعي، بل يُعتمد فقط على إعلام الوراثة الذي يُصدر من محكمة الأسرة،
- ويُستند إلى قانون المواريث المستمد من الشريعة.
السعودية :
- في السعودية، يُستخدم مصطلح صك حصر الورثة، وهو يعادل الإعلام الشرعي، ويُصدر من المحكمة الشرعية،
- ويتم الاعتماد فيه على شهادة الشهود وتطبيق قواعد الفقه الإسلامي.
الأردن :
- يُعرف إعلام الوراثة الشرعي، ويُصدر عن المحاكم الشرعية، وهو مطلوب لإجراء كافة التصرفات المتعلقة بتركة المتوفى.
تونس :
- توجد ازدواجية؛ إذ يُمكن استخراج شهادة إعلام بالورثة من المحكمة الابتدائية،
- بينما يُمكن لبعض الحالات التوجه للمحاكم الشرعية حيث لا تزال بعض إجراءات الميراث ذات طابع ديني.
متى يُطلب إعلام الوراثة ومتى يُطلب الإعلام الشرعي ؟
يُطلب إعلام الوراثة أو الإعلام الشرعي بحسب نوع النظام القانوني في الدولة، وطبيعة الجهة التي تتعامل معها. وفيما يلي توضيح للفروق من حيث متى يُطلب كل منهما:
إعلام الوراثة يُطلب في الحالات التالية :
- فتح حسابات مصرفية أو تصفيتها باسم المتوفى.
- تسجيل عقارات باسم الورثة.
- رفع دعاوى تقسيم التركة.
- إثبات صفة الوريث أمام الجهات القضائية.
الإعلام الشرعي يُطلب في الحالات التالية :
- في الدول التي تعتمد النظام الشرعي فقط كالسعودية.
- في قضايا خاصة بالأوقاف.
- في النزاعات العائلية ذات الطابع الديني.
- إذا اشترطت الجهة المستلمة إثباتًا شرعيًا خالصًا.
ما هي الإشكاليات العملية المرتبطة بكلا النوعين ؟
الإشكاليات العملية المرتبطة بكل من إعلام الوراثة والإعلام الشرعي تُعد من أبرز التحديات التي تواجه الورثة في الواقع القانوني. إليك أبرز هذه الإشكاليات:
1. اختلاف المصطلحات بين الدول:
- هذا يؤدي إلى إرباك في فهم طبيعة المستند المطلوب، خاصة إذا كان الورثة مقيمين في دول مختلفة.
2. الازدواجية في بعض الدول:
- قد يُطلب من الورثة استخراج إعلام وراثة مدني وإعلام شرعي، مما يزيد من الأعباء الإدارية والمالية.
3. الاعتراف المتبادل:
- قد لا تعترف بعض الدول بإعلام شرعي صادر من دولة أخرى، وتطلب إصدار إعلام جديد داخل حدودها.
4. تضارب البيانات:
- في حال وجود أكثر من إعلام (وراثة/شرعي)، قد تظهر تناقضات في أسماء الورثة أو أنصبتهم، مما يؤدي إلى نزاعات قانونية.
أهم الحلول القانونية المقترحة ؟
- توحيد المصطلحات في الوثائق الرسمية والتشريعات بما يتماشى مع الواقع القضائي الحديث.
- تعزيز الاعتراف المتبادل بين الدول ذات الأنظمة المتشابهة.
- تعميم القواعد الإجرائية لإصدار إعلام الوراثة لضمان الشفافية والعدالة.
- الرقمنة لتسهيل استخراج وثائق الوراثة سواء كانت مدنية أو شرعية.
وللمزيد من المعلومات حول الاستشارات القانونية، يمكنك الاستعانة بمحام من مكتب الزيات للمحاماة والاستشارات القانونية. وذلك بفضل خبرته الكبيرة في المسائل القضائية بأنواعها. كما يمكنك أيضًا معرفة المزيد عن مكتب والتواصل معنا عن طريق الضغط هنا أو من خلال النموذج التالي: