ما هي شروط الوصية الشرعية ؟

تعد الوصية الشرعية من أهم الجوانب التي اهتمت بها الشريعة الإسلامية، حيث تمنح الشخص الحق في التصرف بجزء من ماله قبل وفاته لضمان توجيهه لأغراض خيرية أو لفئات معينة، بما لا يتجاوز حدود الشرع. هذه الوصية هي تعبير عن رحمة الشريعة وحرصها على مراعاة حقوق الأفراد في حياتهم وبعد وفاتهم. وبما أن الوصية ترتبط بالميراث والحقوق المالية، فإن لها قواعد وضوابط تضمن تحقيق العدالة ومنع النزاعات.

في هذه المقالة سنتناول بالتفصيل الوصية الشرعية من حيث تعريفها، مشروعيتها في الإسلام، شروطها، أحكامها، أنواعها، الفئات المستحقة لها، والقيود التي تفرضها الشريعة لضمان توافقها مع الأحكام الشرعية، بالإضافة إلى استعراض بعض التحديات والتطورات المعاصرة المتعلقة بها.

تعريف الوصية الشرعية ؟

  • الوصية الشرعية في الفقه الإسلامي هي “تصرف في التركة يتم بعد وفاة الموصي”.
  • ويعني هذا أن الموصي يخصص جزءًا من ماله لأغراض معينة أو أشخاص معينين تُنَفذ بعد وفاته.
  • ولا يمكن للموصي أن يتصرف في جميع أمواله، حيث تُحَدَّد الوصية في حدود الثلث، بحيث يظل النصيب الأكبر للورثة الشرعيين وفقًا لقواعد الميراث.
  • من جانب آخر، الوصية قد تكون إما اختيارية (بحسب رغبة الموصي) أو واجبة في حالات معينة،
  • مثلما هو الحال عند وجود أقارب محجوبين عن الميراث لأسباب معينة ولكن يحق لهم الاستفادة من تركة الموصي.

مشروعية الوصية في الإسلام ؟

الوصية مشروعة في الإسلام وقد تم التأكيد عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية. وجاء التشريع الإسلامي ليضع قواعد صارمة لتنظيم الوصية وضبطها حتى لا تؤدي إلى إضرار بالورثة أو خرق للعدل الذي يحرص عليه الإسلام في تقسيم التركة.

قال الله تعالى في كتابه العزيز:

  • “كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ” (سورة البقرة: آية 180).
  • تعتبر الوصية كذلك من السنة النبوية حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:
  • “ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده”

الحكمة من مشروعية الوصية ؟

الوصية هي مظهر من مظاهر التكافل الاجتماعي في الإسلام، حيث تمكن الإنسان من توجيه جزء من أمواله لأغراض خيرية، أو لمساعدة أقاربه أو من يرغب في دعمهم. ومن الحكم الأساسية لمشروعية الوصية:

  1. تحقيق التكافل الاجتماعي: تسمح الوصية للإنسان بالمساهمة في المجتمع من خلال دعم الفقراء أو المشروعات الخيرية، حتى بعد وفاته.
  2. تقوية الروابط العائلية: تُمَكِّن الوصية الموصي من تخصيص جزء من ماله لأقارب أو أشخاص يحتاجون للدعم والذين قد لا يكون لهم نصيب في الميراث الشرعي.
  3. العدالة بين الورثة: تُسهم الوصية في تسوية بعض الأوضاع العائلية أو الاقتصادية التي قد تبرز بسبب التوزيع التقليدي للميراث.
  4. إظهار إرادة المتوفى: تمكّن الوصية الشخص من التعبير عن رغباته وأهدافه المالية التي يرغب في تحقيقها بعد وفاته.

شروط الوصية الشرعية ؟

تتطلب الوصية الشرعية توافر عدة شروط لضمان صحتها ونفاذها، ومن بين هذه الشروط:

  1. أن تكون الوصية في حدود الثلث: لا يجوز أن تتجاوز الوصية أكثر من ثلث التركة، وهذا الشرط يأتي لحماية حقوق الورثة الشرعيين، حيث أن الوصية إذا زادت عن الثلث تعد غير شرعية إلا بموافقة الورثة.
  2. أن تكون الوصية لغير الورثة: يمنع الإسلام الوصية لأحد الورثة، وذلك لحماية نظام الميراث وضمان توزيع الحصص المحددة شرعًا لكل وارث.
  3. التصرف في المال بعد الموت: تُنَفذ الوصية بعد وفاة الموصي، ولا يمكن تنفيذها قبل وفاته، إلا إذا كانت وصية بوقف أو تصدق أو غيره.
  4. الأهلية القانونية للموصي: يشترط أن يكون الموصي عاقلًا وبالغًا وقت كتابة الوصية، حتى يكون قادرًا على التصرف في ماله وفقًا لما يراه مناسبًا.
  5. أن تكون الوصية محددة وواضحة: يجب أن تكون الوصية واضحة فيما يخص الأشخاص المستفيدين والمبالغ المخصصة لهم، وأيضًا الأغراض التي يتم تخصيص المال لها.

ما هي أنواع الوصايا ؟

يمكن تقسيم الوصية الشرعية إلى عدة أنواع، بناءً على الهدف من الوصية أو المستفيدين منها:

  1. الوصية الاختيارية: هي الوصية التي يُجريها الشخص وفقًا لرغبته وبناءً على قراره الشخصي. قد تكون الوصية لجهات خيرية أو لأفراد معينين، ولا تتجاوز الثلث من التركة.
  2. الوصية الواجبة: في بعض الحالات، تُفرض الوصية وجوبًا وفقًا للشريعة الإسلامية. من أبرز الأمثلة على ذلك الوصية للأحفاد الذين فقدوا والدهم أثناء حياة الجد ولم يحصلوا على نصيبهم من الميراث.
  3. الوصية العامة: هي التي تكون لأغراض عامة أو لفئات غير محددة مثل الفقراء أو المشروعات الخيرية، ويمكن أن تشمل بناء مسجد أو مدرسة.
  4. الوصية الخاصة: هي الوصية التي تُوجه لفرد أو أفراد معينين يُحددهم الموصي.

القيود الشرعية على الوصية ؟

توجد عدة قيود تفرضها الشريعة الإسلامية على الوصية لضمان عدم إضرار الورثة أو تجاوز الأحكام الشرعية. من أهم هذه القيود:

  1. الوصية للوارث: لا يجوز في الإسلام أن تكون الوصية لأحد الورثة، حيث أن الورثة لهم نصيبهم الشرعي المحدد في الميراث ولا يجوز التجاوز عن ذلك إلا برضا بقية الورثة.
  2. الوصية بأكثر من الثلث: كما ذكرنا سابقًا، لا يجوز أن تتجاوز الوصية الثلث إلا بموافقة الورثة، وذلك لضمان عدم هدر حقوق الورثة الشرعيين.
  3. الوصية لأغراض محرمة: لا تُقبل الوصية إذا كانت موجهة لأغراض تتعارض مع تعاليم الإسلام، مثل تمويل نشاطات غير مشروعة أو غير أخلاقية.

الفئات المستحقة للوصية ؟

رغم أن الورثة الشرعيين لا يحق لهم الحصول على وصية، إلا أن هناك عدة فئات يمكن أن تكون مستحقة للوصية وفقًا للشريعة الإسلامية:

  1. الأقارب غير الورثة: يمكن للموصي تخصيص وصية لأقاربه الذين لا يحصلون على نصيب من الميراث، مثل الأخوة غير الأشقاء، أو الأحفاد الذين فقدوا والدهم.
  2. الأفراد الفقراء والمحتاجون: يُمكن توجيه الوصية إلى الفقراء والمحتاجين، سواء كانوا من الأقارب أو الغرباء.
  3. المؤسسات الخيرية: يمكن للموصي تخصيص جزء من ماله لدعم المؤسسات الخيرية أو المشاريع العامة التي تحقق منفعة للمجتمع.
  4. المساجد والمدارس: من أبرز أوجه الوصية دعم بناء أو ترميم المساجد والمدارس التي تخدم المجتمع.

التحديات المعاصرة في الوصية ؟

مع تطور المجتمعات الحديثة، ظهرت بعض التحديات الجديدة المتعلقة بتطبيق نظام الوصية، ومن بين هذه التحديات:

  1. النزاعات العائلية: قد تنشأ نزاعات بين الورثة حول شرعية الوصية أو حول مدى صحة تنفيذها، خاصة إذا كانت الوصية غير واضحة أو تجاوزت الحدود الشرعية.
  2. التشريعات القانونية الحديثة: في بعض البلدان الإسلامية، قد تتداخل القوانين المحلية مع الأحكام الشرعية للوصية، ما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ الوصية بالشكل المطلوب.
  3. التغيرات الاقتصادية: التغيرات الكبيرة في قيمة الأصول أو العملات قد تؤثر على تنفيذ الوصية من حيث تقدير قيمة التركة والحصص المخصصة للمستفيدين.
  4. التكنولوجيا والوصية الرقمية: مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا، قد تظهر تحديات جديدة مثل التوثيق الرقمي للوصية وكيفية تنفيذها.

الاتجاهات المستقبلية للوصية الشرعية ؟

مع التطورات الحالية في المجتمعات الإسلامية، من المحتمل أن تشهد الوصية الشرعية بعض التغييرات لتواكب العصر الحديث:

  1. استخدام التكنولوجيا: يمكن أن تُستخدم التكنولوجيا لتسهيل عملية كتابة الوصية وتوثيقها بطريقة رقمية، مما يُساهم في الحد من النزاعات وسرعة التنفيذ.
  2. إجراءات قانونية أكثر وضوحًا: من المحتمل أن تُسن بعض التشريعات التي تُنظم كتابة الوصية الشرعية وتنفيذها بطرق تُراعي التغيرات القانونية المعاصرة وتُحافظ على حقوق الورثة والمستفيدين.

وللمزيد من المعلومات حول الاستشارات القانونية، يمكنك الاستعانة بمحام  من مكتب الزيات للمحاماة والاستشارات القانونية. وذلك بفضل خبرته الكبيرة في المسائل القضائية بأنواعها. كما يمكنك أيضًا معرفة المزيد عن مكتب والتواصل معنا عن طريق الضغط هنا أو من خلال النموذج التالي: