أفضل الممارسات في صياغة العقود الإلكترونية والرقمية

في عصر التحول الرقمي، أصبحت العقود الإلكترونية والرقمية جزءًا أساسيًا من التعاملات اليومية في مختلف القطاعات، من التجارة الإلكترونية إلى التوظيف والعمل عن بُعد، وحتى التوريدات الدولية. لقد أدت هذه النقلة النوعية إلى ضرورة تطوير أساليب الصياغة القانونية للعقود لتتلاءم مع البيئة الرقمية، بما يضمن القوة القانونية وسهولة الاستخدام والامتثال للتشريعات المتطورة.

في هذه المقالة، نسلط الضوء على أفضل الممارسات في صياغة العقود الإلكترونية والرقمية، من حيث المبادئ القانونية، والمتطلبات الفنية، وضمان الحماية القانونية للأطراف، وطرق الإثبات، مع عرض لأهم التحديات والحلول العملية.

 تعريف العقود الإلكترونية والرقمية ؟

  • إليك تعريفًا شاملًا للعقود الإلكترونية والرقمية مع توضيح الفرق بينهما:

 العقد الإلكتروني :

  • هو العقد الذي يتم إنشاؤه أو التفاوض عليه أو توقيعه من خلال الوسائل الإلكترونية كالبريد الإلكتروني، أو المنصات الرقمية، أو المواقع الإلكترونية،
  • دون الحاجة إلى لقاء فعلي بين الأطراف.

 الفرق بين العقد الإلكتروني والعقد الرقمي :

  • العقد الإلكتروني: يُركز على الوسيلة المستخدمة في إبرامه (الإنترنت، البريد الإلكتروني، إلخ).
  • العقد الرقمي: يُشير إلى الشكل الرقمي الكامل للعقد الذي يتم إنشاؤه وتخزينه ومعالجته رقمياً دون استخدام الورق، ويتضمن غالباً عناصر مثل التوقيع الإلكتروني، والرموز التشفيرية.

ما هو الإطار القانوني للعقود الإلكترونية ؟

  • يمثل الإطار القانوني للعقود الإلكترونية مجموعة من القوانين والأنظمة الوطنية والدولية التي تنظم إنشاء وإبرام وتوثيق العقود عبر الوسائل الإلكترونية،
  • لضمان صحتها القانونية، واعتبارها ملزمة كالعقود التقليدية.

المرجعية القانونية الدولية :

  • اتفاقية الأمم المتحدة بشأن استخدام الاتصالات الإلكترونية في العقود الدولية (2005).
  • قانون النموذج الأونسيترال بشأن التجارة الإلكترونية (1996).
  • الاتحاد الأوروبي: اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) وتأثيرها على العقود الرقمية.
  • الولايات المتحدة: قانون التوقيع الإلكتروني في التجارة العالمية والوطنية (E-SIGN Act).

التشريعات العربية :

معظم الدول العربية أقرت قوانين تنظم العقود الإلكترونية، مثل:

  • قانون المعاملات الإلكترونية الإماراتي.
  • قانون التوقيع الإلكتروني المصري رقم 15 لسنة 2004.
  • النظام السعودي للمعاملات الإلكترونية.

أهم المبادئ القانونية الحاكمة لصياغة العقود الإلكترونية ؟

  • تمثل العقود الإلكترونية شكلًا حديثًا من أشكال التعاقد المعترف بها قانونًا، وهي تُخضع لعدد من المبادئ القانونية الأساسية التي تضمن صحتها ومشروعيتها،
  • وتعزز حجيتها في الإثبات أمام الجهات القضائية. إليك أهم المبادئ القانونية التي تحكم صياغة العقود الإلكترونية:

مبدأ الرضا الإلكتروني :

  • يُشترط أن يكون رضا الطرفين حقيقيًا وغير ناتج عن خداع أو إكراه رقمي. يجب التأكد من وضوح الشروط وسهولة فهمها للطرف المتلقي.

 مبدأ المساواة الرقمية :

  • تمنح العقود الإلكترونية كلا الطرفين نفس الحقوق والواجبات، ويُمنع التحيز أو فرض شروط تقنية تعيق أحد الأطراف.

 مبدأ القبول الإلكتروني :

  • يُثبت القبول من خلال وسائل متعددة: كالنقر على زر “موافق”، أو التوقيع الإلكتروني، أو تبادل الرسائل الإلكترونية.

مبدأ التكافؤ الوظيفي :

  • ينص على أن العقد الإلكتروني يعادل العقد الورقي من حيث القوة القانونية.

ما هي خطوات وأسس صياغة العقود الإلكترونية والرقمية ؟

  • تتطلب صياغة العقود الإلكترونية والرقمية اتباع منهج قانوني وتقني منضبط، لضمان صحة العقد وقابليته للتنفيذ والإثبات.
  • وتكمن قوة هذه العقود في مدى دقة صياغتها والتزامها بالمعايير المعترف بها محليًا ودوليًا.
  • فيما يلي أهم الخطوات والأسس التي يجب اتباعها لصياغة عقد إلكتروني أو رقمي متكامل وفعال:

تحديد هوية الأطراف بشكل دقيق :

  • يُراعى تحديد البيانات القانونية لكل طرف: الاسم القانوني، الرقم القومي أو السجل التجاري، والبريد الإلكتروني المعتمد.

 وضوح البنود وصياغتها بلغة قانونية مفهومة :

  • ينبغي صياغة البنود بلغة واضحة، دقيقة، غير قابلة للتأويل، مع شرح المصطلحات الفنية.

تحديد طرق القبول والتوقيع :

  • يجب النص صراحة على أن النقر أو التوقيع الإلكتروني يُعد قبولًا نهائيًا.

إدراج بند “القانون الواجب التطبيق” :

  • لتحديد المرجعية القانونية في حال النزاع، خاصة في العقود العابرة للحدود.

 إدراج بند خاص بالحماية التقنية والخصوصية :

  • يُحدد فيه كيفية حماية البيانات المتبادلة وتشفير المعلومات.

 التوقيع الإلكتروني كأداة لإثبات العقود الرقمية ؟

  • في ظل التحول الرقمي المتسارع، أصبح التوقيع الإلكتروني أداة رئيسية في توثيق العقود الرقمية وضمان صحتها القانونية،
  • ووسيلة فعالة لإثبات إرادة الأطراف والتزامهم بما ورد في العقد.
  • وقد اعترفت معظم التشريعات الدولية والعربية بالتوقيع الإلكتروني كبديل قانوني للتوقيع اليدوي في المعاملات الإلكترونية، بشرط استيفاء بعض الشروط.

 أنواع التوقيع الإلكتروني :

  • توقيع إلكتروني بسيط: مثل إدخال اسم المستخدم وكلمة المرور.
  • توقيع إلكتروني متقدم: يعتمد على تقنيات تشفير والتحقق الثنائي.
  • توقيع إلكتروني معتمد: يتم إصداره من جهة مصادقة مرخصة.

 اشتراطات التوقيع الإلكتروني القانوني :

  • يجب أن يكون مرتبطًا بهوية الطرف الموقّع.
  • يجب أن يكون آمنًا وغير قابل للتعديل.
  • يجب أن يصدر عن جهة مرخصة ومعتمدة من الدولة.

ما هي الاعتبارات الفنية في العقود الرقمية ؟

  • تشكل الاعتبارات الفنية في العقود الرقمية الجانب التقني الذي يُكمّل الجوانب القانونية،
  • حيث ترتكز صحة وفعالية العقد الرقمي ليس فقط على إرادة الأطراف، بل أيضًا على سلامة البنية التكنولوجية التي تمكّن من صياغته وتوثيقه وتنفيذه.
  • وهذه الاعتبارات تتعلق بالأمن السيبراني، والبنية التحتية التقنية، والتحقق من الهوية، والتوافق مع المعايير الدولية.

منصة التعاقد :

  • ينبغي استخدام منصة إلكترونية معتمدة تحفظ العقد وتؤمّن البيانات باستخدام تقنيات التشفير.

 حماية البيانات والخصوصية :

  • ينبغي الالتزام بمعايير مثل GDPR أو ISO/IEC 27001 لضمان حماية البيانات.

قابلية التتبع والتدقيق :

  • يُفضل أن يحتوي العقد على سجل زمني (Time Stamp) لتوثيق مراحل الإبرام.

أهم التحديات العملية في صياغة العقود الإلكترونية ؟

  • رغم التطور الكبير في مجال التحول الرقمي وتزايد استخدام العقود الإلكترونية في كافة القطاعات،
  • إلا أن عملية صياغتها لا تخلو من تحديات عملية وقانونية وتقنية تؤثر على مصداقيتها، وسهولة استخدامها، وقوة إلزامها.
  • فيما يلي نستعرض أهم التحديات التي تواجه المحامين والممارسين عند إعداد العقود الإلكترونية:

 النزاع حول الإثبات :

  • غالبًا ما يثور خلاف حول إثبات توقيع أو نية القبول. لذلك يُنصح باستخدام التوقيع الإلكتروني المعتمد والتوثيق الزمني.

 قابلية العقود للطعن بالإلغاء أو الغش الإلكتروني :

  • في حالات الخداع، قد تُطعن العقود بأنها وُقعت تحت تأثير التضليل الرقمي.

 تعارض القوانين بين الدول :

  • العقود العابرة للحدود قد تُواجه تعارضًا بين التشريعات، مما يُحتّم وجود بند التحكيم أو القانون الواجب التطبيق.

ما هي أفضل الممارسات في الصياغة الفعالة للعقود الإلكترونية ؟

  • لكي تحقق العقود الإلكترونية أهدافها القانونية والعملية، وتكون صالحة للتنفيذ وقوية في الإثبات،
  • يجب أن تُصاغ وفق أفضل الممارسات التي تراعي الجوانب القانونية، والفنية، والعملية.
  • هذه الممارسات تُسهم في تعزيز الثقة بين الأطراف، وتقليل النزاعات، وضمان الاستمرارية الرقمية الآمنة للعلاقة التعاقدية.
  • فيما يلي أبرز وأهم أفضل الممارسات التي يُوصى باتباعها عند صياغة العقود الإلكترونية:

 استخدام نماذج معيارية :

  • اللجوء إلى نماذج عقود إلكترونية موثوقة ومعدة سلفًا يوفر الوقت ويضمن الامتثال القانوني.

تحديث العقود بشكل دوري :

  • ينبغي مراجعة العقود دورياً لتتوافق مع التغيرات القانونية أو التقنية.

 إشراك المحامين في الصياغة :

  • حتى وإن كانت العقود إلكترونية، يجب أن يراجعها محامٍ لضمان سلامتها القانونية.

 إدراج بنود مرنة :

  • مثل البنود الخاصة بحالات القوة القاهرة، أو التغيرات التقنية الطارئة.

 ضمان سهولة الوصول والقراءة :

  • يُراعى التنسيق الجيد للعقد، واستخدام رؤوس الفقرات، والجداول عند الحاجة لتسهيل الفهم.

استخدام التكنولوجيا الحديثة في العقود الرقمية ؟

  • شهدت العقود الرقمية تطورًا ملحوظًا بفضل الطفرة التكنولوجية، التي جعلت من الممكن إبرام العقود، توقيعها، تنفيذها، وحفظها إلكترونيًا وبكفاءة عالية.
  • ولم يعد استخدام التوقيع الإلكتروني أو البريد الإلكتروني هو الحد الأقصى، بل ظهرت تقنيات متقدمة مثل البلوك تشين، الذكاء الاصطناعي، العقود الذكية، والأنظمة السحابية،
  • غيرت وجه التعاقد الحديث ووفرت حلولًا فعالة لتقليل المخاطر وزيادة السرعة والموثوقية.

 العقود الذكية (Smart Contracts) :

  • هي عقود تُبرم وتُنفذ تلقائيًا عبر تقنيات البلوك تشين، وتُستخدم في التمويل، وسلاسل الإمداد، والتأمين.

 الذكاء الاصطناعي في تحليل العقود :

  • تستخدم بعض المنصات AI لتحليل المخاطر القانونية، واقتراح صياغات بديلة.

التكامل مع الأنظمة الحكومية :

  • مثل الربط مع الجهات الضريبية أو السجلات التجارية الرقمية لتوثيق العقود فورًا.

 دراسات حالة وأمثلة واقعية ؟

  • إليك مجموعة دراسات حالة وأمثلة واقعية توضح تطبيق العقود الإلكترونية والرقمية في ممارسات فعلية، مع التركيز على التحديات والحلول:

 منصة DocuSign :

  • واحدة من أشهر المنصات العالمية لتوقيع العقود إلكترونيًا. توفر التوثيق الزمني والتشفير وضمان الامتثال القانوني.

 تجربة الإمارات في المعاملات الرقمية :

  • الإمارات تبنّت نظام “عقود بلا ورق” في مؤسساتها الحكومية، حيث يتم توقيع العقود عبر الهوية الرقمية الوطنية.

 تجربة الشركات الناشئة :

  • في الشركات الناشئة، العقود الرقمية تساعد على تسريع دورة التعاقد، لا سيما في اتفاقيات المستثمرين، والعمل عن بعد.

 

 

وللمزيد من المعلومات حول الاستشارات القانونية، يمكنك الاستعانة بمحام  من مكتب الزيات للمحاماة والاستشارات القانونية. وذلك بفضل خبرته الكبيرة في المسائل القضائية بأنواعها. كما يمكنك أيضًا معرفة المزيد عن مكتب والتواصل معنا عن طريق الضغط هنا أو من خلال النموذج التالي: