المسؤولية القانونية للبنوك وكيفية حماية بيانات العملاء ؟

تعد البنوك من أهم المؤسسات المالية في العالم الحديث، إذ تؤدي دورًا محوريًا في حركة الأموال وتنظيم الاقتصاد. ومع ازدياد الاعتماد على التكنولوجيا وتوسّع الخدمات المصرفية الإلكترونية، برزت الحاجة الملحة حماية بيانات العملاء الشخصية والمالية. هذه التطورات فرضت مسؤوليات قانونية متزايدة على البنوك لضمان أمن وحماية المعلومات ضد أي انتهاك أو تسريب قد يضر بالعملاء ويسيء لثقتهم.
في هذه المقالة سنناقش المسؤولية القانونية للبنوك، الأطر التشريعية المنظمة لها، طبيعة الالتزامات المفروضة على البنوك تجاه بيانات العملاء، إضافة إلى أبرز الوسائل العملية لحمايتها، مع استعراض العقوبات المترتبة على الإخلال بهذه الالتزامات.

مفهوم المسؤولية القانونية للبنوك ؟

المسؤولية القانونية تعني التزام البنك بتحمل النتائج المترتبة عن تصرفاته أو تقصيره الذي يؤدي إلى الإضرار بالغير، سواء كان العميل نفسه أو جهة أخرى. وتنقسم إلى:

  • مسؤولية مدنية: تعويض العميل المتضرر نتيجة الإهمال أو الخطأ.
  • مسؤولية جنائية: إذا ارتكب البنك أو موظفوه أفعالًا جرمية مثل تسريب البيانات عمدًا أو استخدام المعلومات بشكل غير مشروع.

نطاق تطبيق المسؤولية على البنوك :

  • لا تقتصر مسؤولية البنوك على إدارة الأموال فحسب، بل تشمل أيضًا حماية المعلومات السرية التي يودعها العملاء لديهم.
  • ويشمل ذلك بيانات الهوية، الحسابات البنكية، السجلات المالية، وغيرها.

الإطار القانوني المنظم لحماية بيانات العملاء في البنوك ؟

يتكون الإطار القانوني من قوانين وطنية، لوائح تنظيمية مصرفية، ومعايير دولية تفرض على البنوك التزامات صارمة لحماية بيانات العملاء. ويمكن تفصيله كالآتي:

 التشريعات المحلية :

في معظم الدول، توجد قوانين صريحة تفرض على البنوك حماية بيانات العملاء، مثل:

  • قوانين حماية البيانات الشخصية (مثال: قانون حماية البيانات الشخصية في مصر رقم 151 لسنة 2020).
  • القوانين المصرفية الخاصة التي تلزم البنوك بالحفاظ على سرية حسابات العملاء وعدم إفشائها لأي جهة بدون إذن قانوني أو قضائي.

 الاتفاقيات الدولية :

عدة معاهدات واتفاقيات دولية وتعزز حماية بيانات العملاء ، منها:

  • اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي، التي وضعت معايير صارمة لمعالجة البيانات الشخصية، بما فيها بيانات العملاء المصرفيين.
  • معايير بازل للرقابة المصرفية التي تشجع على تعزيز نظم الأمان المعلوماتي في البنوك.

التزامات البنوك لحماية بيانات العملاء ؟

إليك بعض التزامات البنوك لحماية بيانات العملاء:

 الالتزام بالسرية المصرفية :

  • تلتزم البنوك بعدم إفشاء أسرار عملائها إلى أي طرف ثالث إلا بإذن صريح من العميل أو بموجب أمر قضائي.

الالتزام بإجراءات الأمن السيبراني :

يتوجب على البنوك تطبيق أنظمة حماية بيانات العملاء قوية تشمل:

  • جدران حماية إلكترونية.
  • نظم تشفير البيانات.
  • مراقبة دخول المستخدمين للنظم المصرفية.
  • سياسات استجابة للحوادث الإلكترونية.

 الالتزام بالإفصاح والشفافية :

  • على البنوك أن توضح للعملاء كيف يتم جمع بياناتهم، ولأي غرض ستستخدم،
  • وضمان الحصول على موافقة صريحة منهم في حالات جمع البيانات الحساسة.

أسباب الإخلال بمسؤولية حماية بيانات العملاء ؟

أهم أسباب الإخلال بمسؤولية حماية بيانات العملاء في البنوك:

 الإهمال أو الخطأ البشري :

  • أحد أبرز أسباب تسرب البيانات يعود لإهمال الموظفين أو عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية.

الهجمات الإلكترونية :

  • تعرض الأنظمة المصرفية لهجمات القراصنة بهدف سرقة البيانات المالية.

 سوء إدارة البيانات :

  • ضعف سياسات الأمان الداخلي أو عدم تحديثها بشكل دوري يعرض البيانات للخطر.

 العقوبات القانونية على البنوك عند انتهاك حماية البيانات ؟

عندما تفشل البنوك في حماية بيانات عملائها، فإنها تتعرض لمجموعة من العقوبات القانونية، تختلف حسب طبيعة الانتهاك وخطورته، وتشمل ما يلي:

 المسؤولية المدنية :

تعويض العملاء المتضررين عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم جراء تسريب بياناتهم.

المسؤولية الجنائية :

قد تفرض القوانين عقوبات جنائية مثل:

  • غرامات مالية باهظة.
  • سحب الترخيص المصرفي.
  • الحبس للمسؤولين التنفيذيين في حال الإدانة بثبوت الجريمة عمدًا.

المسؤولية الإدارية والتنظيمية :

  • فرض قيود إضافية على البنك المخالف.
  • نشر العقوبات بهدف الردع العام والحفاظ على سمعة القطاع المصرفي.

 أفضل الممارسات لحماية بيانات العملاء في البنوك ؟

إليك أفضل الممارسات لحماية بيانات العملاء في البنوك بشكل مركز ومنظم:

اعتماد تكنولوجيا التشفير المتقدمة :

  • التشفير End-to-End يحمي البيانات أثناء النقل والتخزين.

 التدريب المستمر للموظفين :

  • برامج توعية دائمة للموظفين حول أساليب الحماية وأهمية الالتزام بالسياسات الأمنية.

تحديث الأنظمة الأمنية بانتظام :

  • التحديثات المستمرة لسد الثغرات الأمنية المكتشفة حديثًا.

اعتماد سياسة “الحد الأدنى من البيانات” :

  • تقليل حجم البيانات المجمعة إلى الحد الأدنى اللازم لتقليل المخاطر.

 التقييم الدوري للمخاطر :

  • إجراء مراجعات دورية لتقييم مدى أمان البنية التحتية للمعلومات.

ما هي مسؤولية العميل في حماية بياناته المصرفية ؟

على الرغم من أن العبء الأكبر يقع على البنك، إلا أن العميل يتحمل مسؤولية في:

  • عدم مشاركة بياناته مع أطراف غير موثوقة.
  • استخدام كلمات مرور قوية وتحديثها بانتظام.
  • تفعيل خاصية المصادقة الثنائية (Two-Factor Authentication).
  • مراجعة الحسابات المصرفية باستمرار لاكتشاف أي معاملات مشبوهة.

ما هو  دور الهيئات الرقابية في حماية بيانات العملاء ؟

تلعب الهيئات الرقابية دورًا مهمًا في:

  • وضع الأطر التنظيمية الملزمة للبنوك.
  • مراقبة مدى التزام البنوك بمعايير حماية البيانات.
  • التحقيق في الشكاوى المقدمة من العملاء بشأن تسريب بياناتهم.
  • توقيع العقوبات المناسبة على البنوك المخالفة.

ومن أمثلة هذه الهيئات:

  • البنك المركزي.
  • هيئات حماية البيانات الشخصية.
  • هيئات مكافحة الجرائم الإلكترونية.

 التحديات المستقبلية لحماية بيانات العملاء ؟

مع التطور التقني المتسارع، تبرز عدة تحديات منها:

  • التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي في الخدمات المصرفية مما قد يزيد احتمالية تعرض البيانات للاختراق.
  • تطور تقنيات القرصنة الإلكترونية.
  • زيادة الاعتماد على الخدمات المصرفية المفتوحة (Open Banking) مما يتطلب تطوير آليات أمان جديدة.
  • ولذلك، يجب أن تكون حماية البيانات عملية ديناميكية مستمرة ومبنية على أحدث التقنيات والسياسات القانونية.

وللمزيد من المعلومات حول الاستشارات القانونية، يمكنك الاستعانة بمحام  من مكتب الزيات للمحاماة والاستشارات القانونية. وذلك بفضل خبرته الكبيرة في المسائل القضائية بأنواعها. كما يمكنك أيضًا معرفة المزيد عن مكتب والتواصل معنا عن طريق الضغط هنا أو من خلال النموذج التالي: