طرق الإثبات في الدعاوى التجارية والمدنية

يُعد الإثبات الركيزة الأساسية التي يقوم عليها العمل القضائي، إذ لا يمكن للمحكمة أن تُصدر حكمًا في أي دعوى دون أن تُبنى على أدلة وبراهين مقبولة قانونًا. فالإثبات هو الوسيلة التي يُثبت بها الخصوم حقوقهم أو يدفعون بها الادعاءات الموجهة ضدهم، وهو الأداة التي تكشف الحقيقة وتمكّن القاضي من تكوين عقيدته.

وتزداد أهمية الإثبات في الدعاوى المدنية والتجارية على وجه الخصوص، لارتباطها بالمعاملات اليومية للأفراد والشركات، وما يترتب عليها من آثار مالية وقانونية خطيرة. ويختلف الإثبات في هذين النوعين من الدعاوى بحسب طبيعة النزاع، إذ أن القواعد التي تحكم الإثبات في المواد المدنية قد تكون أكثر صرامة، بينما يسود نوع من المرونة في المواد التجارية استجابة لطبيعتها العملية وسرعة تعاملاتها.

تهدف هذه الدراسة إلى بيان طرق الإثبات في الدعاوى المدنية والتجارية، مع استعراض الأساس الشرعي والقانوني لها، وتحليل أركانها وأهميتها، وبيان أوجه الاختلاف والتشابه بين النظامين.

الفصل الأول: الإطار العام للإثبات

  • يُعد الإثبات من أهم الموضوعات في القانون، إذ يُعتبر الوسيلة التي تُبنى عليها الحقوق وتُثبت بها الالتزامات.
  • فلا قيمة لأي ادعاء أو مطالبة قضائية إذا لم يُدعَّم بأدلة مقبولة قانونًا،
  • كما أن القضاء لا يستطيع إصدار حكم إلا استنادًا إلى حجج وبراهين واضحة.
  • ولهذا، فإن فهم الإطار العام للإثبات يُشكل الأساس الذي تقوم عليه دراسة الوسائل المختلفة للإثبات في المواد المدنية والتجارية.

1- مفهوم الإثبات :

  • الإثبات لغةً: الإظهار والتوكيد. واصطلاحًا: إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية أو مادية يُترتب عليها أثر قانوني.

2- الغاية من الإثبات :

  • تمكين القاضي من الوصول إلى الحقيقة.
  • حماية حقوق المتقاضين.
  • تحقيق الاستقرار في المعاملات المدنية والتجارية.
  • منع الاحتيال والمماطلة.

3- الأساس الشرعي والقانوني للإثبات :

  • في الشريعة الإسلامية: قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ” (البقرة: 282). وهذا النص يؤسس لمبدأ التوثيق والكتابة في المعاملات.

  • في القانون الوضعي: نصوص قوانين الإثبات (كالقانون المدني والتجاري وقوانين المرافعات) التي تحدد طرق الإثبات وشروطها.

الفصل الثاني: طرق الإثبات في الدعاوى المدنية

  • تُعتبر الدعاوى المدنية أكثر أنواع الدعاوى خضوعًا للشكليات والقيود في الإثبات،
  • نظرًا لطبيعتها المرتبطة بحقوق الأفراد الخاصة التي تحتاج إلى استقرار وضمانات قوية.
  • ومن هنا، حدد القانون وسائل محددة لإثبات الحقوق والالتزامات في المواد المدنية،
  • ورتب على كل وسيلة حجية خاصة بها، مع بيان حدود استخدامها وقوتها القانونية.

1- الكتابة :

  • تُعد أقوى طرق الإثبات في المواد المدنية.
  • تشمل: المحررات الرسمية (التي يحررها موظف عام) والمحررات العرفية (التي يحررها الأفراد).
  • أهميتها: تعطي استقرارًا في المعاملات المدنية.

2- الشهادة (شهادة الشهود) :

  • مقبولة في حالات معينة.
  • قد يحدد القانون قيمة الشهادة وحدود قبولها.
  • في بعض الأنظمة، لا تُقبل الشهادة لإثبات ما يخالف أو يجاوز الكتابة.

3- القرائن :

  • القرائن القانونية: التي ينص عليها القانون (مثل قرينة الوفاء).
  • القرائن القضائية: التي يستخلصها القاضي من ظروف الدعوى.

4- الإقرار :

  • اعتراف الخصم بواقعة قانونية على نفسه ولغيره.
  • يعتبر سيد الأدلة في المواد المدنية.

5- اليمين :

  • وسيلة إثبات تكملية.
  • قد تكون يمينًا حاسمة أو متممة.

6- المعاينة والخبرة :

  • المعاينة: انتقال القاضي لمعاينة محل النزاع.
  • الخبرة: استعانة القاضي برأي فني من خبير مختص.

الفصل الثالث: طرق الإثبات في الدعاوى التجارية

  • الدعاوى التجارية تتميز عن الدعاوى المدنية بطبيعتها العملية،
  • إذ تنشأ عن معاملات تجارية متكررة وسريعة الحركة،
  • وتتطلب عادةً مرونة في الإثبات لتيسير الفصل في النزاعات ومنع تعطيل الأعمال.
  • لذلك، اهتم المشرع التجاري بتخفيف بعض القيود الشكلية التي تطبق في الإثبات المدني، مع الحفاظ على حماية الحقوق.

1- خصوصية الإثبات التجاري :

  • السرعة والمرونة.
  • طبيعة التعاملات التجارية تتطلب تخفيفًا من القيود الشكلية.

2- الكتابة في المواد التجارية :

  • الكتابة مطلوبة لكن ليس بشكل حصري.
  • يمكن الإثبات بالدفاتر التجارية.

3- الشهادة :

  • تقبل الشهادة على نطاق أوسع من المواد المدنية.
  • لتسهيل الإثبات في المعاملات اليومية.

4- القرائن التجارية :

  • منها: الاعتماد على المراسلات التجارية، الفواتير، إيصالات الاستلام، والأعراف التجارية.

5- الإقرار واليمين :

  • الإقرار يظل سيد الأدلة.

  • اليمين قد تستخدم كوسيلة لإثبات أو نفي الادعاءات.

6- الدفاتر التجارية كوسيلة إثبات :

  • تُعد الدفاتر التجارية وسيلة إثبات خاصة في الدعاوى التجارية.
  • يمكن للتاجر أن يحتج بها ضد تاجر آخر أو ضد غير تاجر.

الفصل الرابع: المقارنة بين الإثبات في الدعاوى المدنية والتجارية

  • يُعد فهم أوجه التشابه والاختلاف بين الإثبات في الدعاوى المدنية والتجارية أمرًا ضروريًا لتطبيق القوانين بشكل سليم،
  • ولضمان توازن بين حماية الحقوق وتسريع الفصل في النزاعات.

أوجه التشابه :

  • وجود نفس الوسائل العامة (كتابة، شهادة، قرائن، إقرار، يمين).
  • خضوعها لقواعد الإثبات العامة.

أوجه الاختلاف :

  • الكتابة: إلزامية في المدنية، مرنة في التجارية.
  • الشهادة: محدودة في المدنية، أوسع نطاقًا في التجارية.
  • القرائن: أكثر اعتمادًا عليها في التجارية.
  • الدفاتر التجارية: وسيلة إثبات خاصة بالتجارة.

الفصل الخامس: التحديات العملية لطرق الإثبات

  1. صعوبة الحصول على الأدلة في بعض القضايا.
  2. تعقيد بعض وسائل الإثبات مثل الخبرة الفنية.
  3. التضارب بين النصوص القانونية والواقع العملي.
  4. ظهور وسائل تقنية حديثة تستلزم تحديث قواعد الإثبات.

الفصل السادس: الإثبات الإلكتروني كوسيلة جديدة

  1. التوقيع الإلكتروني.
  2. المحررات الإلكترونية.
  3. حجية الرسائل والبريد الإلكتروني.
  4. تحديات القبول القضائي للأدلة الرقمية.

 

يتمتع مكتبنا بخبرة واسعة في مختلف أنواع القضايا والمسائل القانونية، مما يجعله خيارًا مثاليًا لكل من يبحث عن حلول قانونية دقيقة وفعالة. سواء كنت تواجه قضية شخصية أو تجارية، أو تحتاج إلى توجيه قانوني متخصص، فإن فريق المحامين لدينا على استعداد لتقديم الدعم الكامل لك.

لمعرفة المزيد عن خدماتنا أو لحجز استشارة قانونية، يمكنك التواصل معنا عبر الضغط على الرابط التالي، أو ملء النموذج أدناه وسنقوم بالرد عليك في أقرب وقت ممكن:

[“contact-form-7 id=”218″ title=”اتصل بنا”]