ما هو موقف القضاء من الزواج عبر الإنترنت ؟

مع تطور التكنولوجيا ووسائل الاتصال، أصبح العالم أكثر ترابطًا من أي وقت مضى، مما أدى إلى نشوء أنماط جديدة من العلاقات، أبرزها “الزواج عبر الإنترنت”. هذا النوع من الزواج يُقصد به إتمام عقد الزواج أو التعارف بقصد الزواج عبر وسائل الاتصال الإلكترونية، مثل مواقع التواصل الاجتماعي، وتطبيقات المواعدة، ومنصات الفيديو المباشر، دون الحاجة إلى اللقاء المباشر بين الطرفين في البداية.

وعلى الرغم من أن الزواج عبر الإنترنت قد يبدو حلاً عمليًا لبعض الحالات، خاصة في المجتمعات التي تعاني من قيود اجتماعية أو جغرافية، إلا أنه يثير تحديات قانونية كبيرة تتعلق بصحة العقد، والتحقق من الرضا، والإثبات، والاختصاص القضائي، وغيرها.

تهدف هذه المقالة إلى تحليل هذه التحديات القانونية بشكل دقيق، ومقارنتها مع الأطر الشرعية والمدنية، بالإضافة إلى تسليط الضوء على المواقف القضائية المختلفة في الدول العربية تجاه هذه الظاهرة المتزايدة.

تعريف الزواج عبر الإنترنت وأنواعه ؟

  • الزواج عبر الإنترنت هو شكل من أشكال الزواج يتم فيه التعارف والتواصل بين الطرفين عبر وسائل الاتصال الإلكترونية،
  • مثل مواقع الزواج، أو تطبيقات التعارف، أو وسائل التواصل الاجتماعي، بدلاً من اللقاء المباشر التقليدي.
  • يتم بعد ذلك الاتفاق على الزواج إما بعقد إلكتروني (في بعض الحالات)، أو بلقاء فعلي يعقبه عقد الزواج الشرعي أو المدني بحسب القوانين المحلية والدينية.

 الزواج الإلكتروني المباشر :

  • وهو الزواج الذي يتم عبر وسائل الاتصال الحديثة بحضور الطرفين عبر الإنترنت أمام المأذون أو القاضي الشرعي،
  • سواء بالصوت فقط أو بالصوت والصورة.

الزواج التقليدي عن طريق الإنترنت :

  • وفيه يتعارف الطرفان ويتفقان عبر الإنترنت، ثم يُتمّان عقد الزواج رسميًا بالحضور الشخصي أمام الجهات المختصة.

الزواج بالوكالة عبر الإنترنت :

  • وفيه ينيب أحد الطرفين شخصًا آخر لعقد الزواج نيابة عنه، ويجري التواصل الإلكتروني فقط لأغراض الاتفاق والموافقة.

الإطار القانوني والشرعي للزواج ؟

في الشريعة الإسلامية، الزواج عقد شرعي له أحكام واضحة، ويُشترط فيه:

 موقف الشريعة الإسلامية :

في الشريعة، يشترط لصحة الزواج:

  • وجود الإيجاب والقبول.
  • حضور ولي المرأة (في بعض المذاهب).
  • وجود شاهدين عدلين.
  • انتفاء الموانع الشرعية.

 موقف القوانين الوضعية :

تختلف القوانين من دولة لأخرى:

  • في مصر مثلًا، يشترط القانون حضور الأطراف شخصيًا أمام المأذون.

  • في السعودية، أطلقت وزارة العدل خدمة “العقد الإلكتروني للزواج” لكنها تتطلب توثيق رسمي.

  • في الإمارات، أُقر نظام “الزواج عن بُعد” خلال جائحة كورونا، لكن بقي التوثيق إلزاميًا.

 التحديات القانونية للزواج عبر الإنترنت ؟

هناك تحديات كبرى في الزواج عبر الإنترنت ومنها :

إثبات الهوية والرضا :

من أبرز التحديات هو التأكد من:

  • أن الطرفين هما بالفعل من يدّعيان.
  • أنهما أعطيا موافقة حرة وواعية.

وقد يؤدي غياب هذا التحقق إلى بطلان العقد، أو ادعاء التزوير أو الإكراه.

صحة العقد :

هل يُعتبر العقد صحيحًا إذا تم عبر الإنترنت؟

  • إذا اعتُبر الإنترنت “مجلسًا واحدًا”، فربما يصح.
  • لكن بعض القوانين تشترط الحضور الشخصي أمام المأذون لتوثيق الزواج، ما يجعل العقود الإلكترونية غير معترف بها.

الإثبات أمام المحاكم :

إذا حدث نزاع، كيف يتم إثبات الزواج؟

  • في غياب وثيقة رسمية، يصعب على أحد الطرفين إثبات العلاقة.
  • المحاكم لا تعترف برسائل الدردشة أو المكالمات كأدلة قاطعة على وجود زواج.

الاختصاص القضائي :

في حالات الزواج بين أطراف من دول مختلفة:

  • أي محكمة لها الحق في نظر النزاع؟
  • وأي قانون يُطبّق؟ قانون الدولة التي ينتمي لها الزوج، أم الزوجة، أم الدولة التي تم فيها الزواج إلكترونيًا؟

هذه الأسئلة تخلق معضلة قانونية خصوصًا في ظل غياب اتفاقيات دولية واضحة تنظم هذا النوع من الزواج.

احتمالات الاستغلال والاحتيال :

الزواج عبر الإنترنت قد يُستخدم كوسيلة:

  • للزواج الاحتيالي من أجل الحصول على الإقامة أو الجنسية.
  • للاتجار بالبشر.
  • لاستغلال النساء أو الفتيات القاصرات في ظروف غير آمنة قانونيًا.

 التحديات الاجتماعية والأخلاقية المرتبطة بالقانون ؟

هناك تحديات اجتماعية وأخلاقية مرتبطة بالقانون بشكل عام، التحديات الرئيسية يمكن تلخيصها في:

غياب الإطار الاجتماعي والأسري :

  • العلاقات التي تنشأ إلكترونيًا قد تكون ضعيفة من حيث التأثير الأسري، حيث يغيب دور الأسرة في التوجيه أو الحماية.

 صعوبة التحقق من الخلفية القانونية والاجتماعية للطرف الآخر :

  • قد يخفي أحد الطرفين زواجًا سابقًا، أو قضايا قانونية، أو أوضاعًا اجتماعية محرجة.

 الزواج العرفي الرقمي :

  • ظهر نوع جديد من “الزواج العرفي الإلكتروني” الذي يتم عبر اتفاقات كتابية أو صوتية، دون توثيق، مما يعرض المرأة والنسل الناتج للخطر القانوني.

موقف القضاء من الزواج عبر الإنترنت ؟

في بعض الأحكام القضائية العربية:

  • في مصر، رفضت المحاكم الاعتراف بزواج تم عبر “واتساب” دون حضور فعلي للمأذون.
  • في السعودية، تقبل المحاكم إثبات الزواج إذا تم عبر “العقد الإلكتروني” الحكومي.
  • في الأردن، أُجيز الزواج عن بعد أمام القاضي الشرعي بشروط صارمة خلال الجائحة.

تتباين الأحكام بحسب التوثيق، والحضور، ومشروعية الوسيلة المستخدمة.

 مقترحات للتنظيم القانوني ؟

  1. سن تشريعات واضحة تنظم الزواج الإلكتروني
    ينبغي تقنين الزواج الإلكتروني، مع وضع شروط تضمن التحقق من الهوية، والرضا، والعدالة.
  2. إطلاق منصات حكومية موثوقة للعقود الإلكترونية لمنع الزواج العشوائي أو الاحتيالي عبر الإنترنت.
  3. توعية الجمهور بخطورة الزواج الإلكتروني غير الموثق وإصدار حملات توعية قانونية واجتماعية.
  4. تعزيز التعاون القضائي بين الدول عبر اتفاقيات تنظم العلاقات الزوجية الإلكترونية بين مواطني الدول المختلفة.

 

وللمزيد من المعلومات حول الاستشارات القانونية، يمكنك الاستعانة بمحام  من مكتب الزيات للمحاماة والاستشارات القانونية. وذلك بفضل خبرته الكبيرة في المسائل القضائية بأنواعها. كما يمكنك أيضًا معرفة المزيد عن مكتب والتواصل معنا عن طريق الضغط هنا أو من خلال النموذج التالي: