ما هي إجراءات التحكيم ؟

التحكيم يُعد من الوسائل البديلة لحل النزاعات التي تنشأ بين الأطراف، سواء كانوا أفراداً أو شركات أو دول. يتميز التحكيم بالسرعة والفعالية في تسوية النزاعات مقارنة بالإجراءات القضائية التقليدية. تهدف هذه المقالة إلى تقديم فهم شامل للتحكيم، بما في ذلك تعريفه، أنواعه، أهميته، وإجراءات التحكيم، بالإضافة إلى استعراض بعض الأمثلة والتحديات التي تواجه هذه العملية.

ما هو مفهوم التحكيم ؟

  • التحكيم هو عملية قانونية يتم بموجبها حل النزاعات بين الأطراف بواسطة محكم أو هيئة تحكيمية محايدة،
  • يتم الاتفاق على تعيينها من قبل الأطراف المتنازعة. يتعهد الأطراف بالالتزام بالقرار الذي يصدر عن المحكم أو الهيئة التحكيمية والذي يكون ملزماً وقابلاً للتنفيذ.

 الأساس القانوني للتحكيم  ؟

  • يستند التحكيم إلى اتفاقية بين الأطراف، والتي تُسمى عادةً “اتفاقية التحكيم” أو “شرط التحكيم” في العقود.
  • يتعين أن يكون هذا الاتفاق مكتوباً وصريحاً بشأن رغبة الأطراف في إحالة نزاعاتهم إلى التحكيم بدلاً من المحاكم.

 الفرق بين التحكيم والقضاء ؟

  • التحكيم يختلف عن القضاء التقليدي في أنه يعتمد على موافقة الأطراف والتفاوض بينهم لاختيار المحكمين وتحديد القواعد التي ستنظم العملية التحكيمية.
  • في المقابل، القضاء يعتمد على قضاة معينين من قبل الدولة وتطبيق القوانين والإجراءات القضائية الرسمية.

ما هي أنواع التحكيم ؟

هناك أنواع للتحكيم منها :

أ. التحكيم التجاري :

  • يشمل التحكيم التجاري النزاعات التي تنشأ بين الشركات أو الأفراد فيما يتعلق بالعقود التجارية، مثل عقود البيع، والتوريد، والخدمات.
  • يُعتبر التحكيم التجاري أحد أكثر أنواع التحكيم شيوعاً بسبب طبيعته السرية والفعالة.

ب. التحكيم الدولي :

  • يُستخدم التحكيم الدولي لحل النزاعات بين الأطراف من دول مختلفة. يتميز التحكيم الدولي بقدرته على تجاوز الاختلافات القانونية والثقافية بين الدول،
  • ويعتمد على قواعد تحكيم دولية مثل قواعد غرفة التجارة الدولية (ICC) أو قواعد الأونسيترال (UNCITRAL).

ج. التحكيم الاستثمارية :

  • يتعلق التحكيم الاستثماري بالنزاعات بين المستثمرين والدول المضيفة لاستثماراتهم.
  • تُعد اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) واحدة من أبرز الأطر القانونية التي تنظم التحكيم الاستثماري.

د. التحكيم الرياضي :

  • يُستخدم التحكيم الرياضي لحل النزاعات التي تنشأ في المجال الرياضي، مثل النزاعات بين اللاعبين والأندية أو النزاعات التنظيمية في الاتحادات الرياضية.
  • يتمتع محكمة التحكيم الرياضي (CAS) بسمعة مرموقة في هذا المجال.

ما هي أهمية التحكيم ؟

السرعة والكفاءة :

  • يتميز التحكيم بسرعة البت في النزاعات مقارنة بالمحاكم التقليدية. يتم تحديد جداول زمنية مرنة لتقديم الأدلة وإصدار الأحكام،
  • مما يقلل من فترة النزاع ويتيح للأطراف العودة إلى أعمالهم بشكل أسرع.

السرية :

  • يوفر التحكيم درجة عالية من السرية، حيث تكون إجراءات التحكيم وجلساته غير علنية.
  • هذا يُعتبر ميزة مهمة في النزاعات التجارية التي تتطلب حماية الأسرار التجارية والمعلومات الحساسة.

التخصص والخبرة :

  • يتيح التحكيم للأطراف اختيار المحكمين ذوي الخبرة والتخصص في المجال موضوع النزاع،
  • مما يعزز من جودة القرار النهائي. يمكن أن يكون المحكمون محامين، أو قضاة متقاعدين، أو خبراء في مجال معين.

 المرونة :

  • تتيح إجراءات التحكيم مرونة أكبر للأطراف في تحديد قواعد وإجراءات التحكيم،
  • بما في ذلك اختيار لغة التحكيم، ومكان انعقاده، والقوانين التي ستُطبق. هذه المرونة تساعد في تلبية احتياجات الأطراف بشكل أفضل.

التنفيذ الدولي :

  • قرارات التحكيم الدولية تحظى بقابلية عالية للتنفيذ في العديد من الدول، بفضل اتفاقية نيويورك للاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها لعام 1958.
  • هذه الاتفاقية تُلزم الدول الأعضاء بتنفيذ قرارات التحكيم الصادرة في دول أخرى الأعضاء في الاتفاقية.

ما هي إجراءات التحكيم ؟

 اتفاقية التحكيم :

  • تبدأ إجراءات التحكيم باتفاقية التحكيم التي يبرمها الأطراف،
  • والتي تُحدد فيها شروط التحكيم، مثل كيفية تعيين المحكمين، والقواعد التي ستُطبق، ومكان التحكيم.

 تعيين المحكمين :

  • يتم تعيين المحكمين وفقاً للشروط المتفق عليها في اتفاقية التحكيم. يمكن أن يكون المحكم فرداً واحداً أو هيئة تحكيمية تتكون من ثلاثة محكمين.
  • يتم اختيار المحكمين بناءً على خبرتهم واستقلاليتهم.

 تحديد القواعد والإجراءات :

  • تُحدد القواعد والإجراءات التي ستُطبق في التحكيم بناءً على اتفاقية التحكيم أو بالاعتماد على قواعد تحكيم معروفة،
  • مثل قواعد ICC أو UNCITRAL. تشمل هذه القواعد إجراءات تقديم الأدلة، وجلسات الاستماع، والمهل الزمنية.

 جلسات الاستماع :

  • تعقد جلسات الاستماع حيث يقدم الأطراف أدلتهم وشهاداتهم. يتمتع المحكمون بالسلطة الكاملة لإدارة الجلسات وتوجيه الأسئلة للأطراف والشهود.
  • تهدف جلسات الاستماع إلى فهم تفاصيل النزاع وتقييم الأدلة المقدمة.

إصدار القرار:

  • بعد انتهاء جلسات الاستماع وتقديم الأدلة، يصدر المحكمون قرارهم النهائي. يجب أن يكون القرار مكتوباً ومسبباً،
  • ويجب أن يتضمن الحلول المناسبة للنزاع وفقاً للقانون المطبق واتفاقية التحكيم.

تنفيذ القرار :

  • يُعتبر قرار التحكيم ملزماً وقابلاً للتنفيذ. يمكن للأطراف تنفيذ القرار طوعاً، وفي حالة عدم الامتثال،
  • يمكن للطرف المتضرر اللجوء إلى المحاكم للحصول على أمر بتنفيذ القرار.

5. أمثلة واقعية على التحكيم ؟

أ. قضية التحكيم التجاري :

  • شركة دولية قامت بتوريد معدات لشركة أخرى في دولة مختلفة. نشأ نزاع حول جودة المعدات والتزامات الدفع.
  • تم إحالة النزاع إلى التحكيم الدولي وفقاً لقواعد ICC، وتم تعيين محكمين مختصين.
  • بعد جلسات الاستماع وتقييم الأدلة، صدر قرار يلزم الشركة الموردة بتحسين جودة المعدات وتقديم تعويض مالي.

ب. قضية التحكيم الاستثماري :

  • مستثمر أجنبي قدم دعوى ضد دولة مضيفة بعد أن قامت الأخيرة بتأميم أصوله دون تعويض عادل.
  • تم اللجوء إلى التحكيم الاستثماري وفقاً لقواعد ICSID. أصدرت هيئة التحكيم قراراً يقضي بتعويض المستثمر عن الأصول المؤممة بناءً على القيمة السوقية العادلة.

ج. قضية التحكيم الرياضي :

  • لاعب كرة قدم تقدم بشكوى ضد ناديه لعدم دفع مستحقاته المالية. تم إحالة النزاع إلى محكمة التحكيم الرياضي (CAS).
  • بعد مراجعة العقود والشهادات، أصدرت المحكمة قراراً يلزم النادي بدفع المستحقات المالية بالإضافة إلى تعويض عن الأضرار.

ما هي التحديات التي تواجه التحكيم ؟

التكلفة :

  • على الرغم من أن التحكيم يُعتبر بديلاً أسرع وأقل تكلفة من القضاء،
  • إلا أن تكاليف التحكيم قد تكون مرتفعة، خاصة في النزاعات الدولية التي تتطلب محكمين ذوي خبرة.

صعوبة تعيين المحكمين :

  • في بعض الحالات، قد يواجه الأطراف صعوبة في الاتفاق على تعيين المحكمين،
  • خاصة في النزاعات التي تتسم بالتعقيد أو التي تتطلب خبرات تخصصية عالية.

 عدم قابلية بعض النزاعات للتحكيم :

  • بعض النزاعات لا يمكن حلها من خلال التحكيم، مثل النزاعات الجنائية أو بعض القضايا الأسرية.
  • هذا يحد من نطاق استخدام التحكيم كوسيلة لحل جميع أنواع النزاعات.

 التنفيذ :

  • على الرغم من اتفاقية نيويورك، قد تواجه بعض الأطراف صعوبة في تنفيذ قرارات التحكيم في بعض الدول التي تكون فيها أنظمة القضاء بطيئة أو غير متعاونة.

أهم التطورات المستقبلية في التحكيم ؟

أولاً  التكنولوجيا والتحكيم الإلكتروني :

  • استخدام التكنولوجيا في التحكيم، مثل تقديم الأدلة عبر الإنترنت وعقد جلسات الاستماع الافتراضية،
  • يمكن أن يُسهم في تحسين كفاءة العملية التحكيمية وتقليل التكاليف.

ثانياً تعزيز الشفافية :

  • زيادة الشفافية في إجراءات التحكيم ونشر قرارات التحكيم يمكن أن يُعزز من ثقة الأطراف في هذه العملية ويُسهم في تطوير سوابق قانونية مفيدة.

ثالثاً تطوير التشريعات :

  • تطوير وتحديث التشريعات الوطنية والدولية المتعلقة بالتحكيم يمكن أن يُسهم في تسهيل العملية التحكيمية وتحقيق العدالة بشكل أكثر فعالية.

رابعاً التعاون الدولي :

  • تعزيز التعاون الدولي بين المؤسسات التحكيمية والمنظمات القانونية يمكن أن يُسهم في توحيد معايير التحكيم وتحسين تنفيذ القرارات التحكيمية عبر الحدود.

 

وللمزيد من المعلومات حول الاستشارات القانونية، يمكنك الاستعانة بمحام  من مكتب الزيات للمحاماة والاستشارات القانونية. وذلك بفضل خبرته الكبيرة في المسائل القضائية بأنواعها. كما يمكنك أيضًا معرفة المزيد عن مكتب والتواصل معنا عن طريق الضغط هنا أو من خلال النموذج التالي: