إجراءات التحكيم في القانون المدني ؟

التحكيم هو وسيلة قانونية بديلة لحل المنازعات تُستخدم على نطاق واسع في القضايا المدنية. بفضل السرعة، السرية، والتكاليف المنخفضة مقارنة بالتقاضي التقليدي، أصبح التحكيم خيارًا مفضلاً لحل النزاعات في العديد من المجالات، بما في ذلك العقود التجارية، العقارات، التأمين، وغيرها من المسائل التي تدخل ضمن نطاق القانون المدني. التحكيم يتيح للأطراف حرية اختيار المحكمين المتخصصين، مما يضمن أن يتم الفصل في النزاع بناءً على خبرات عملية ومعرفة متعمقة في المجال القانوني أو الصناعي محل النزاع.

هذه المقالة ستناقش مفهوم التحكيم في القانون المدني، أهميته، الأنظمة القانونية التي تنظمه، الإجراءات المتبعة في التحكيم، التحديات التي يواجهها، والاتجاهات المستقبلية في هذا المجال.

 مفهوم التحكيم في القانون المدني ؟

  • يُعرف التحكيم في القانون المدني على أنه وسيلة بديلة لحل المنازعات خارج نطاق القضاء التقليدي،
  • حيث يتفق الأطراف على إحالة النزاع إلى محكم أو هيئة تحكيمية بدلاً من الذهاب إلى المحكمة.
  • ينطوي التحكيم على تقديم النزاع إلى شخص أو أكثر، يسمون “المحكمين”، الذين يقومون بدور القاضي، ويصدرون حكمًا ملزمًا للطرفين.
  • التحكيم يتميز عن الوسائل الأخرى لحل المنازعات مثل الوساطة أو التفاوض بكون الحكم الصادر عن المحكمين نهائيًا وملزمًا، وله قوة تنفيذية مشابهة لحكم المحكمة.

 أهمية التحكيم في القانون المدني ؟

للتحكيم في القضايا المدنية أهمية كبيرة نظرًا للمزايا العديدة التي يقدمها مقارنة بالتقاضي التقليدي. من بين هذه الفوائد :

سرعة الإجراءات :

  • الإجراءات التحكيمية غالبًا ما تكون أسرع من المحاكم التقليدية.
  • إذ يمكن للطرفين الاتفاق على جدول زمني محدد للفصل في النزاع،
  • بينما قد تستمر القضايا المدنية في المحاكم لعدة سنوات قبل أن يتم إصدار حكم نهائي.

المرونة :

  • التحكيم يوفر مرونة كبيرة للأطراف في تحديد الإجراءات المتعلقة بالنزاع.
  • يُمكنهم اختيار المحكمين، تحديد القوانين المطبقة، وتحديد مكان وزمان الجلسات بما يتناسب مع جداولهم وظروفهم.

التكاليف المنخفضة :

  • رغم أن التحكيم ليس دائمًا أرخص من القضاء، إلا أنه في العديد من الحالات يساعد في تقليل التكاليف المرتبطة بالمحاكمات الطويلة والمعقدة.
  • أيضًا، يمكن للطرفين توفير التكاليف المتعلقة بأتعاب المحامين والرسوم القضائية.

السرية :

  • من أهم مزايا التحكيم هو الحفاظ على سرية النزاع. في القضايا المدنية التقليدية، تكون الجلسات والأحكام علنية،
  • بينما في التحكيم يمكن الحفاظ على سرية جميع المعلومات المرتبطة بالقضية.

التخصص :

  • إحدى الميزات الكبيرة للتحكيم هي إمكانية اختيار محكمين ذوي خبرة ومعرفة في مجال النزاع.
  • وهذا يضمن أن يتم الفصل في القضية بناءً على فَهم عميق للموضوع، مما يزيد من فرص الوصول إلى حكم عادل.

الحكم النهائي والملزم :

  • الحكم الصادر عن المحكمين نهائي وملزم للطرفين، ويمكن تنفيذه كما لو كان حكمًا قضائيًا. وهذا يُقلل من إمكانية تقديم استئناف وتأخير النزاع.

 الأنظمة والقوانين المنظمة للتحكيم في القانون المدني ؟

هناك العديد من الدول وضعت قوانين وتشريعات واضحة لتنظيم إجراءات التحكيم وضمان شفافيته وعدالته. أبرز القوانين التي تحكم التحكيم هي :

القوانين الوطنية :

  • تضع كل دولة قوانين تنظم التحكيم المدني، سواءً في العقود التجارية أو النزاعات المتعلقة بالملكية أو العقود الخاصة.
  • بعض هذه القوانين تجعل اللجوء إلى التحكيم اختياريًا، في حين يكون إلزاميًا في بعض الدول في حالات معينة مثل المنازعات التجارية الكبيرة.

قوانين التحكيم الدولية :

  • في النزاعات المدنية التي تشمل أطرافًا من دول مختلفة، يتم اللجوء إلى قوانين التحكيم الدولية مثل اتفاقية نيويورك لعام 1958، التي تنظم تنفيذ قرارات التحكيم الأجنبية.

قوانين المؤسسات التحكيمية :

  • توجد العديد من المؤسسات التحكيمية الدولية والوطنية التي تقدم خدمات التحكيم، مثل غرفة التجارة الدولية (ICC) والمعهد الأمريكي للتحكيم.
  • تقدم هذه المؤسسات قواعد تفصيلية تنظم إجراءات التحكيم وتضمن شفافية وعدالة العملية.

العقود واتفاقيات التحكيم :

  • في بعض الأحيان، يتم تنظيم التحكيم من خلال اتفاقيات مبرمة بين الأطراف قبل حدوث النزاع.
  • يُحدد في هذه الاتفاقيات الإجراءات التحكيمية، كيفية اختيار المحكمين، واللغة والقوانين التي سيتم تطبيقها.

إجراءات التحكيم في القانون المدني ؟

يتمتع التحكيم في القضايا المدنية بإجراءات مرنة تتفق عليها الأطراف المعنية. ومع ذلك، توجد خطوات عامة يتبعها الأطراف والمحكمون في معظم القضايا التحكيمية :

الاتفاق على التحكيم :

  • يبدأ التحكيم دائمًا باتفاق الأطراف على إحالة النزاع إلى التحكيم.
  • قد يتم الاتفاق على التحكيم قبل حدوث النزاع من خلال تضمين بند التحكيم في العقد، أو قد يتم الاتفاق على التحكيم بعد نشوء النزاع.

اختيار المحكمين :

  • تُعتبر مرحلة اختيار المحكمين إحدى أهم خطوات التحكيم.
  • يمكن للأطراف اختيار محكم واحد أو أكثر،
  • ويمكنهم اختيار المحكمين بناءً على تخصصاتهم في مجال النزاع، سواء كانوا خبراء في القانون أو في المجال الصناعي أو التجاري المعني.

تحديد القواعد الإجرائية :

  • بعد اختيار المحكمين، يتم تحديد القواعد الإجرائية التي ستنظم العملية التحكيمية.
  • يمكن للأطراف الاتفاق على تطبيق القوانين الوطنية أو قواعد التحكيم الخاصة بالمؤسسات التحكيمية الدولية أو المحلية.

جلسات الاستماع :

  • تتضمن جلسات الاستماع تقديم الأدلة والمستندات من كلا الطرفين.
  • يتيح للمحكمين فرصة الاستفسار عن النقاط الغامضة أو غير الواضحة في القضية، كما يمكن استدعاء الشهود إذا لزم الأمر.

إصدار الحكم :

  • بعد انتهاء جلسات الاستماع وتقديم الأدلة، يُصدر المحكم أو الهيئة التحكيمية حكمًا نهائيًا.
  • يُعتبر هذا الحكم ملزمًا للطرفين، ويُمكن تنفيذه كما لو كان حكمًا قضائيًا.

تنفيذ الحكم :

  • إذا رفض أحد الأطراف تنفيذ الحكم التحكيمي، يمكن للطرف الآخر التوجه إلى المحكمة المختصة للحصول على أمر بتنفيذه. هذا يعزز من قوة وفاعلية قرارات التحكيم.

 التحديات التي تواجه التحكيم في القانون المدني ؟

رغم المزايا العديدة التي يقدمها التحكيم في القضايا المدنية، إلا أن هناك عددًا من التحديات التي قد تواجه الأطراف والمحكمين :

التحيز:

  • قد يشكل تحيز المحكمين مشكلة في بعض القضايا، خاصة إذا كان هناك ارتباطات أو علاقات سابقة بين المحكمين وأحد الأطراف.
  • لضمان النزاهة، يجب اختيار المحكمين بعناية وضمان استقلالهم التام.

عدم الشفافية :

  • رغم أن السرية تُعتبر ميزة في بعض الأحيان، إلا أن نقص الشفافية قد يكون تحديًا في التحكيم،
  • حيث قد يصعب مراقبة مدى عدالة الإجراءات والقرارات.

التكاليف :

  • رغم أن التحكيم قد يكون أقل تكلفة في بعض الحالات، إلا أن هناك حالات أخرى قد تكون فيها التكاليف مرتفعة،
  • خاصة إذا كان النزاع يتطلب خبراء أو محكمين متخصصين أو إذا كان التحكيم يتم على مستوى دولي.

تنفيذ الأحكام :

  • قد يكون تنفيذ الأحكام التحكيمية تحديًا كبيرًا، خاصة إذا كان الحكم صادرًا في بلد ويرغب الطرف الآخر في تنفيذه في بلد آخر.
  • رغم وجود اتفاقيات دولية مثل اتفاقية نيويورك، إلا أن تنفيذ الأحكام قد يواجه صعوبات قانونية أو سياسية.

صعوبة الاستئناف :

  • القرارات التحكيمية عادة ما تكون نهائية وملزمة، ولا يُتاح للأطراف حق الاستئناف على القرارات، مما قد يُشكل تحديًا للطرف الذي يشعر بعدم عدالة الحكم.

الاتجاهات المستقبلية للتحكيم في القانون المدني ؟

مع التطورات المتسارعة في العالم القانوني والتكنولوجي، من المتوقع أن يشهد التحكيم في القانون المدني تطورات وتحسينات كبيرة :

التحكيم الرقمي :

  • من المتوقع أن يشهد التحكيم اعتمادًا متزايدًا على التكنولوجيا، مثل استخدام منصات التحكيم الإلكترونية وجلسات الاستماع عبر الإنترنت،
  • مما يُعزز من كفاءة العملية وسرعتها.

التوسع في التحكيم الدولي :

  • نظرًا لزيادة التجارة الدولية والعلاقات المدنية بين الأفراد من دول مختلفة،
  • سيزداد استخدام التحكيم الدولي كوسيلة لحل النزاعات عبر الحدود، مع تحسين القوانين الدولية الخاصة بالتحكيم.

تحسين القوانين الوطنية والدولية :

  • من المتوقع أن تواصل الدول تطوير قوانين التحكيم المحلية بما يتماشى مع المعايير الدولية لتعزيز ثقة الأطراف في هذه الوسيلة البديلة.

 

وللمزيد من المعلومات حول الاستشارات القانونية، يمكنك الاستعانة بمحام  من مكتب الزيات للمحاماة والاستشارات القانونية. وذلك بفضل خبرته الكبيرة في المسائل القضائية بأنواعها. كما يمكنك أيضًا معرفة المزيد عن مكتب والتواصل معنا عن طريق الضغط هنا أو من خلال النموذج التالي: