إعلام الوراثة في حالة الورثة القُصَّر أو الغائبين

يُعتبر إعلام الوراثة أحد الأدوات القانونية المهمة لتحديد من هم الورثة الشرعيون في التركات، وتوزيع الحقوق بناءً على قواعد الميراث المقررة شرعًا وقانونًا. وتزداد أهمية هذا الإجراء تعقيدًا عندما يكون أحد الورثة قاصرًا (أي لم يبلغ سن الرشد القانوني) أو غائبًا (أي لا يُعرف مكانه أو انقطعت أخباره). في هذه الحالة، يتدخل القانون لتوفير الحماية اللازمة لهؤلاء الورثة، وضمان عدم الإضرار بمصالحهم سواء في تقسيم التركة أو إدارتها.

تتناول هذه المقالة الجوانب القانونية المتصلة بإعلام الوراثة في حال وجود ورثة قُصَّر أو غائبين، وتعرض الإجراءات العملية الواجب اتباعها، والدور الذي تلعبه النيابة الحسبية، إضافةً إلى استعراض أهم الضمانات المقررة لحماية حقوق هؤلاء الورثة.

أولًا: تعريف إعلام الوراثة ووظيفته القانونية

  • إعلام الوراثة هو حكم يصدر من المحكمة المختصة يُحدد بموجبه الورثة الشرعيون للمتوفى، وبيان أنصبتهم في الميراث،
  • دون أن يتعرض هذا الحكم لتوزيع المال أو الفصل في الملكية.

الوظائف الأساسية لإعلام الوراثة:

  1. إثبات صفة الورثة بعد وفاة الشخص.
  2. بيان درجة قرابتهم إلى المتوفى.
  3. تمكينهم من مباشرة حقوقهم مثل استلام الأموال، البيع، أو رفع الدعاوى المتعلقة بالتركة.
  4. توفير سند قانوني للتصرفات القانونية.

ثانيًا: من هم القُصَّر والغائبون في القانون 

  • في القانون، يُقصد بمصطلحي القُصَّر والغائبين فئتين من الأشخاص الذين لا يتمتعون بالأهلية الكاملة للتصرف القانوني،
  • وبالتالي يحتاجون إلى حماية قانونية خاصة، خصوصًا في قضايا مثل الميراث، الوصاية، والتصرف في الأموال. وفيما يلي توضيح لكل منهما:

1. القاصر:

  • هو الشخص الذي لم يبلغ سن الرشد (18 سنة ميلادية كاملة في معظم التشريعات العربية)، ولا يُسمح له قانونًا بالتصرف في أمواله إلا عبر وصي أو ولي.

2. الغائب:

  • هو الشخص الذي انقطعت أخباره لفترة طويلة، ولا يُعرف ما إذا كان حيًّا أم ميتًا، وقد لا يكون له محل إقامة معروف، ويُعد “غائبًا” وفق شروط خاصة.

ثالثًا: اختصاص المحكمة المختصة بإعلام الوراثة

  • في حال وجود قُصَّر أو غائبين ضمن الورثة، فإن الجهة المختصة بإصدار إعلام الوراثة هي محكمة الأسرة التي يقع في نطاقها موطن المتوفى الأخير.
  • وتُحال إليها الدعوى طبقًا لقانون الأحوال الشخصية والقانون المدني، مع إلزامية إخطار النيابة العامة (شؤون الأسرة).

رابعًا: إجراءات طلب إعلام الوراثة في وجود ورثة قُصَّر أو غائبين

عند تقديم طلب إعلام الوراثة في حالة وجود قاصر أو غائب، يجب اتباع إجراءات خاصة لضمان حقوقهم، أبرزها:

1. تقديم الطلب:

يُقدم الطلب إلى قلم كتاب محكمة الأسرة، متضمنًا:

  • اسم المتوفى وتاريخ الوفاة.
  • أسماء الورثة وعلاقتهم به.
  • ما إذا كان بينهم قُصَّر أو غائبون.
  • بيانات عن الأموال أو العقارات (إن وُجدت).

2. إخطار النيابة العامة (النيابة الحسبية):

  • في حالة وجود قاصر أو غائب، تُخطر النيابة وجوبيًا بالحضور في الجلسات، لإبداء الرأي القانوني ومراقبة الإجراءات، وتُعد طرفًا أصيلًا في الدعوى.

3. تعيين وصي أو قيم:

  • إذا لم يكن للقاصر وليّ طبيعي (مثل الأب)، تُعين المحكمة وصيًا على أمواله.
  • وإذا كان هناك غائب، يمكن تعيين قيم مؤقت لإدارة حقوقه.

4. إعلان الورثة وسماع الشهود:

  • يتم إعلان باقي الورثة الشرعيين لحضور الجلسة، كما يُسمع شاهدان يقران بصحة واقعة الوفاة وأسماء الورثة الشرعيين.

5. صدور الحكم:

بعد استيفاء الإجراءات، تصدر المحكمة إعلام الوراثة، متضمنًا:

  • بيانات المتوفى.
  • قائمة الورثة وأعمارهم.
  • نوع قرابتهم للمتوفى.
  • نسبة أنصبتهم.

خامسًا: دور النيابة العامة في حماية الورثة القُصَّر والغائبين

تلعب النيابة العامة (النيابة الحسبية) دورًا أساسيًا في ضمان حماية مصالح القصر والغائبين، وذلك عبر:

  1. التأكد من صحة البيانات المقدمة.
  2. التحقيق في حالة القصر والغائبين.
  3. طلب تعيين وصي أو قيم عند الحاجة.
  4. اعتراض النيابة على أي إجراء يمس مصالح الورثة غير البالغين أو الغائبين.

سادسًا: ضمانات قانونية خاصة بالقُصَّر والغائبين

لمنع التلاعب أو الإضرار بحقوق هؤلاء الورثة، يقر القانون مجموعة من الضمانات، منها:

1. منع التصرف في أموال القُصَّر دون إذن قضائي:

  • لا يجوز لولي القاصر أو وصيه بيع أو تأجير أو التصرف في أي جزء من التركة دون إذن المحكمة.

2. القيم على الغائب يخضع للرقابة القضائية:

  • أي تصرف يقوم به القيم يُشرف عليه القضاء بشكل مباشر، ويشترط عليه تقديم تقارير دورية عن إدارة الأموال.

3. التأمين على أموال القاصر أو الغائب:

  • في بعض الحالات، تُطلب كفالة أو ضمان مالي لحفظ الحقوق، خاصةً إذا زادت قيمة التركة.

4. المراقبة الدورية:

  • المحكمة تتابع أوضاع القُصَّر والغائبين من خلال النيابة المختصة، وتطلب تقارير دورية عن الإدارة.

سابعًا: الصعوبات العملية في إجراءات إعلام الوراثة بوجود قُصَّر أو غائبين

تواجه الأسر وأصحاب الشأن عدة تحديات في هذه الحالات، من أبرزها:

  • بطء الإجراءات القضائية.
  • عدم تعاون بعض الورثة الراشدين.
  • صعوبة إثبات الغيبة القانونية لبعض الأشخاص.
  • رفض بعض القضاة التصرفات المقترحة بشأن التركة لحماية القاصر.
  • نقص الخبرة القانونية لدى الأوصياء أو القيم.

ثامنًا: أهمية وجود محامٍ مختص في مثل هذه الحالات

وجود محامٍ متمرس في قضايا الأحوال الشخصية والميراث يُعد ضروريًا، خصوصًا عند وجود قُصَّر أو غائبين، وذلك لأنه:

  1. يُحسن صياغة الطلبات والعقود القانونية.
  2. يُتابع إجراءات إعلان الورثة والتحقق من البيانات.
  3. يُمثل مصالح موكليه أمام المحكمة.
  4. يُساعد في التعامل مع النيابة المختصة وطلبات الأذونات.
  5. يُقدم المشورة القانونية في حالة الاعتراضات.

تاسعًا: الفرق بين إعلام الوراثة العادي وإعلام الوراثة في وجود قُصَّر أو غائبين

  • يُعد إعلام الوراثة إجراءً قضائيًا موحدًا في مضمونه، وهو إثبات الورثة الشرعيين بعد وفاة شخص ما،
  • غير أن طبيعة الورثة أنفسهم تُحدث فرقًا جوهريًا في الإجراءات المتبعة،
  • خاصة إذا كان من بين الورثة قُصَّر (لم يبلغوا سن الرشد) أو غائبين (انقطعت أخبارهم). ويتضح الفرق في النقاط التالية:

1. من حيث الإجراءات القضائية:

  • في إعلام الوراثة العادي: تتم الإجراءات بشكل سريع ومباشر، حيث يُقدَّم الطلب إلى المحكمة، ويتم إعلان الورثة وسماع الشهود، ثم يصدر الحكم دون تعقيدات.

  • في إعلام الوراثة بوجود قُصَّر أو غائبين: تتطلب الإجراءات إشرافًا قضائيًا أكثر تعقيدًا، وتشمل إخطار النيابة العامة (النيابة الحسبية)، وتعيين وصي أو قيم عند الحاجة، إضافة إلى رقابة المحكمة على حماية مصالح هؤلاء الورثة.

2. من حيث إخطار النيابة:

  • إعلام الوراثة العادي: لا يُشترط حضور النيابة العامة أو إخطارها.

  • إعلام الوراثة في وجود قُصَّر أو غائبين: إخطار النيابة إلزامي، ويجب أن تُشارك في الجلسة لإبداء الرأي ولحماية مصالح القاصر أو الغائب.

3. من حيث التمثيل القانوني:

  • إعلام الوراثة العادي: لا يحتاج الورثة الراشدون إلى وصي أو قيم، ويمكنهم مباشرة حقوقهم بأنفسهم.

  • إعلام الوراثة في وجود قُصَّر أو غائبين: يجب تعيين وصي للقاصر أو قيم للغائب إذا لم يكن هناك من ينوب عنهم قانونًا، ولا يُسمح لأي شخص بالتصرف نيابة عنهم دون قرار من المحكمة.

4. من حيث إمكانية التصرف في التركة:

  • إعلام الوراثة العادي: يمكن للورثة الراشدين التصرف بحرية في نصيبهم من التركة بمجرد صدور الإعلام.

  • إعلام الوراثة في وجود قُصَّر أو غائبين: لا يجوز التصرف في نصيب القاصر أو الغائب إلا بإذن مسبق من المحكمة، وتحت رقابة النيابة المختصة لضمان عدم الإضرار بمصلحتهم.

5. من حيث سرعة الإجراءات:

  • إعلام الوراثة العادي: عادة ما تتم الإجراءات خلال وقت قصير (عدة أيام إلى أسبوعين حسب المحكمة).

  • إعلام الوراثة بوجود قُصَّر أو غائبين: تستغرق الإجراءات وقتًا أطول بسبب مراجعة النيابة، وتعيين أوصياء أو قيمين، والنظر في طلبات الأذونات.

6. من حيث الحماية القانونية:

  • إعلام الوراثة العادي: لا توجد حماية قانونية خاصة؛ لأن الورثة قادرون على الدفاع عن حقوقهم.

  • إعلام الوراثة بوجود قُصَّر أو غائبين: يتمتع القُصَّر والغائبون بحماية قانونية مشددة، تتضمن رقابة النيابة، وإجراءات التعيين، وموافقة المحكمة على أي تصرف مالي.

عاشرًا: توصيات لضمان الحقوق في هذه الحالات

  • يجب على أولياء الأمور أو الورثة تقديم كافة البيانات بدقة وشفافية.
  • يُفضل حفظ الوثائق الرسمية (شهادات الميلاد – الوفاة – بطاقات الهوية).
  • يُنصح بتقديم طلبات الإذن في التصرف مبكرًا لتجنب تعطيل مصالح الورثة.
  • يُستحسن إشراك محامٍ ذو خبرة منذ بداية الإجراءات.

 

يتمتع مكتبنا بخبرة واسعة في مختلف أنواع القضايا والمسائل القانونية، مما يجعله خيارًا مثاليًا لكل من يبحث عن حلول قانونية دقيقة وفعالة. سواء كنت تواجه قضية شخصية أو تجارية، أو تحتاج إلى توجيه قانوني متخصص، فإن فريق المحامين لدينا على استعداد لتقديم الدعم الكامل لك.

لمعرفة المزيد عن خدماتنا أو لحجز استشارة قانونية، يمكنك التواصل معنا عبر الضغط على الرابط التالي، أو ملء النموذج أدناه وسنقوم بالرد عليك في أقرب وقت ممكن: