الإطار القانوني للتحكيم والوساطة ؟

التحكيم والوساطة هما طريقتان بديلتان لحل النزاعات خارج المحاكم التقليدية. كلاهما يُعتبران جزءًا من الأنظمة القانونية الحديثة لتخفيف الضغط على المحاكم وتوفير حلول أكثر فعالية وسرعة للنزاعات التجارية والشخصية. بينما يعتمد التحكيم على قرارات مُلزمة تصدرها هيئة تحكيمية، تركز الوساطة على مساعدة الأطراف المتنازعة في الوصول إلى تسوية ودية من خلال التفاوض والمرونة.

 تعريف التحكيم والوساطة ؟

التحكيم والوساطة هما طريقتان بديلتان لحل النزاعات، وغالبًا ما تُستخدمان كوسائل لتجنب الإجراءات القانونية التقليدية. إليك تعريف كل منهما:

 التحكيم :

  • التحكيم هو عملية قانونية يتم فيها حل النزاع بين طرفين أو أكثر عن طريق طرف ثالث محايد يُعرف بـ “هيئة التحكيم”.
  • يتم تعيين المحكمين من قِبَل الأطراف أو من قِبَل مؤسسة تحكيمية ويتم تقديم النزاع لهم ليصدروا قرارًا ملزمًا يُعرف بـ “حكم التحكيم”.
  • هذا الحكم يكون نهائيًا وقابلًا للتنفيذ وفقًا للقوانين المحلية والدولية.
  • التحكيم يُستخدم بشكل شائع في النزاعات التجارية الوطنية والدولية، ويتميز بإجراءاته الخاصة التي تكون أقل تعقيدًا من الإجراءات القضائية.
  • كما يُعتبر التحكيم وسيلة لحفظ السرية، حيث أن جلسات التحكيم وحكمه لا تُنشر عادةً، على عكس القضايا التي تُرفع في المحاكم.

الوساطة :

  • الوساطة هي عملية غير رسمية لحل النزاعات تتم عبر طرف ثالث محايد يُعرف بـ “الوسيط”، والذي يساعد الأطراف في الوصول إلى اتفاق ودي.
  • الوسيط لا يصدر حكمًا ملزمًا، وإنما يعمل على تسهيل التفاوض بين الأطراف المتنازعة وتوجيههم نحو تسوية مقبولة من الجميع.
  • على عكس التحكيم، يُعتبر الاتفاق الذي يتم التوصل إليه في الوساطة غير ملزم إلا إذا تم توثيقه كتابيًا وتم الاتفاق عليه من قبل الأطراف المتنازعة.
  • الوساطة تُستخدم عادةً في النزاعات الأسرية، العمالية، وبعض النزاعات التجارية حيث يرغب الأطراف في الحفاظ على علاقاتهم المستقبلية.

 الفروقات بين التحكيم والوساطة ؟

التحكيم والوساطة هما طريقتان بديلتان لحل النزاعات، لكن بينهما فروقات جوهرية تتعلق بالإجراءات والنتائج:

 الاختلافات الإجرائية :

  • التحكيم: يتميز بكونه إجراءً قانونيًا رسميًا يشبه إلى حد كبير المحاكمة، حيث يتم تقديم الأدلة والشهادات للمحكمين الذين يقومون باتخاذ القرار النهائي.
  • يتمثل الفارق الرئيسي بين التحكيم والمحكمة التقليدية في أن الأطراف تختار المحكمين بأنفسهم، وتحدد الإجراءات التي سيتبعونها وفقًا لشروط التحكيم المتفق عليها.
  • الوساطة: هي عملية غير رسمية تمامًا مقارنة بالتحكيم. في الوساطة، لا يتم اتخاذ قرارات ملزمة من قبل الوسيط، بل يقتصر دوره على تقديم المشورة والتوجيه والمساعدة في توصيل الأفكار بين الأطراف لحل النزاع.
  • الأطراف نفسها تتحكم في مجريات التسوية وتحدد الشروط النهائية.

 النتائج المترتبة :

  • التحكيم: ينتج عنه قرار نهائي وملزم للطرفين. يمكن تنفيذ الحكم القضائي للتحكيم أمام المحاكم الوطنية، وإذا كان هناك اتفاق دولي بين الأطراف، يمكن تنفيذ الحكم في بلدان مختلفة بموجب اتفاقية نيويورك لعام 1958.
  • الوساطة: تسفر عن اتفاق ودي بين الأطراف، وليس هناك حكم أو قرار ملزم إلا إذا تم توثيق الاتفاق بين الأطراف كتابيًا، وهو ما يجعل الوساطة أقل تعقيدًا من التحكيم.

 السرعة والكفاءة :

  • التحكيم: يُعتبر أسرع من المحاكم التقليدية، ولكنه قد يكون أطول من الوساطة في بعض الحالات المعقدة، خصوصًا إذا كان النزاع يتطلب تقديم أدلة وشهادات تفصيلية.
  • الوساطة: تُعتبر الأسرع بين وسائل حل النزاعات البديلة، حيث لا تتطلب تقديم أدلة أو استدعاء شهود، بل تعتمد على تفاوض الأطراف.

 فوائد التحكيم والوساطة ؟

التحكيم والوساطة كلاهما أدوات فعالة لحل النزاعات خارج نطاق المحاكم التقليدية، ولكل منهما فوائد مميزة تجعلهما بدائل شائعة للقضاء في مجالات متعددة. إليك الفوائد الرئيسية لكل منهما:

 فوائد التحكيم :

  1. السرعة: غالبًا ما يتم حل النزاعات عبر التحكيم في وقت أقصر مقارنة بالمحاكم التقليدية، وهو ما يساعد الأطراف على توفير الوقت.
  2. التخصص: في التحكيم، يمكن للأطراف اختيار محكمين لديهم خبرة وتخصص في موضوع النزاع، مما يزيد من دقة وجودة الحكم.
  3. السرية: جلسات التحكيم سرية ولا يتم نشرها، مما يحافظ على خصوصية الأطراف، خاصة في النزاعات التجارية الحساسة.
  4. القابلية للتنفيذ: حكم التحكيم يتم تنفيذه في معظم البلدان وفقًا لاتفاقية نيويورك، مما يجعله وسيلة مفضلة لحل النزاعات التجارية الدولية.

 فوائد الوساطة :

  1. التكلفة المنخفضة: الوساطة عادة ما تكون أقل تكلفة من التحكيم والتقاضي، حيث لا تتطلب إجراءات قانونية معقدة.
  2. المرونة: الوساطة تتيح للأطراف حرية أكبر في التفاوض والتوصل إلى حلول مرضية لجميع الأطراف.
  3. الحفاظ على العلاقات: لأنها تعتمد على التعاون والتفاوض، الوساطة تساعد في الحفاظ على العلاقات المستقبلية بين الأطراف، مما يجعلها مثالية للنزاعات الأسرية أو التجارية التي قد تتطلب التعاون المستقبلي.
  4. السرعة: الوساطة عادة ما تكون أسرع من التحكيم والتقاضي، حيث تعتمد على جلسات نقاش وتفاوض مباشرة.

 تطبيقات التحكيم والوساطة في المجالات المختلفة ؟

التحكيم والوساطة يُعدّان من الوسائل البديلة لحل النزاعات، ويستخدمان على نطاق واسع في مجموعة متنوعة من المجالات :

في التجارة الدولية :

  • التحكيم يُعتبر الوسيلة الأساسية لحل النزاعات في التجارة الدولية، حيث أنه يوفر حلاً سريعًا وفعالاً لمشاكل الشركات عبر الحدود.
  • غالبًا ما يُدرج شرط التحكيم في العقود التجارية الدولية لتفادي تعقيدات النظام القضائي في بلدان مختلفة.

 في النزاعات الأسرية :

  • الوساطة هي الأداة المفضلة لحل النزاعات الأسرية المتعلقة بالطلاق، حضانة الأطفال، وتقسيم الممتلكات.
  • بفضل طبيعتها غير الرسمية، توفر الوساطة بيئة تفاعلية تساعد الأطراف على الوصول إلى حلول ودية دون الحاجة للتوجه إلى المحاكم.

في النزاعات العمالية :

  • كثير من الشركات والمؤسسات العمالية تعتمد على الوساطة لحل النزاعات بين العمال وأرباب العمل.
  • في بعض الأحيان، يمكن استخدام التحكيم عندما تكون النزاعات معقدة أو تستدعي حلًا ملزمًا.

 الإطار القانوني للتحكيم والوساطة ؟

يتضمن الإطار القانوني أحكاماً تفصيلية تتعلق بالإجراءات والقواعد التي تنظم عمل المحكمين والوسطاء، فضلاً عن آليات تنفيذ القرارات الصادرة عن هذه الهيئات البديلة :

التشريعات المنظمة للتحكيم :

  • تختلف قوانين التحكيم من دولة لأخرى، ولكنها غالبًا ما تكون مستندة إلى معايير دولية مثل قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي.
  • في مصر، ينظم قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية (القانون رقم 27 لسنة 1994) التحكيم المحلي والدولي.

 التشريعات المنظمة للوساطة :

  • الوساطة تُعتبر أقل تنظيمًا قانونيًا مقارنة بالتحكيم، حيث تعتمد بشكل أكبر على اتفاق الأطراف.
  • في بعض الدول، هناك قوانين محددة تنظم الوساطة مثل قانون الوساطة الأمريكي، الذي يشجع على استخدام الوساطة كبديل للتقاضي.

التحديات المستقبلية في التحكيم والوساطة ؟

يمكن تلخيص التحديات المستقبلية كما يلي:

 التحديات في التحكيم :

  • التكلفة المتزايدة: على الرغم من أن التحكيم يُعتبر بديلاً أرخص من المحاكم، إلا أن تكاليف التحكيم الدولي قد تكون مرتفعة جدًا، خاصة مع زيادة رسوم المحكمين والمؤسسات التحكيمية.
  • التنفيذ العابر للحدود: على الرغم من وجود اتفاقية نيويورك، إلا أن تنفيذ الأحكام التحكيمية في بعض الدول قد يواجه صعوبات قانونية، خصوصًا في الدول التي لديها نظم قانونية صارمة أو غير متعاونة.

 التحديات في الوساطة :

  • عدم الإلزامية: على الرغم من فوائدها، إلا أن الوساطة تعتمد على اتفاق الأطراف، مما يعني أن أحد الأطراف قد يرفض الالتزام بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، مما يعيد القضية إلى مسار التقاضي.
  • نقص الإطار التنظيمي: الوساطة تحتاج إلى إطار قانوني أكثر تطورًا لتنظيم العملية وضمان حماية حقوق الأطراف المتنازعة.

 

وللمزيد من المعلومات حول الاستشارات القانونية، يمكنك الاستعانة بمحام  من مكتب الزيات للمحاماة والاستشارات القانونية. وذلك بفضل خبرته الكبيرة في المسائل القضائية بأنواعها. كما يمكنك أيضًا معرفة المزيد عن مكتب والتواصل معنا عن طريق الضغط هنا أو من خلال النموذج التالي: