التفرقة بين الأعمال التجارية والأعمال المدنية

تُعدّ التفرقة بين الأعمال التجارية والأعمال المدنية من الركائز الأساسية في فهم النظام القانوني الاقتصادي الحديث. فالقانون التجاري يتميز بخصائص وإجراءات تختلف عن تلك التي ينظمها القانون المدني، سواء من حيث مصادر الالتزام أو من حيث الإثبات أو التقادم أو حتى من حيث قواعد الاختصاص القضائي.
وتأتي أهمية هذه التفرقة من كونها تحدد النظام القانوني الواجب التطبيق على النشاط، وتُميز بين “التاجر” الذي يخضع لنظام قانوني خاص، و”غير التاجر” الذي يخضع لأحكام القانون المدني.
ومن ثمّ فإن الإحاطة بمعايير هذه التفرقة وآثارها تُعد ضرورة لفهم طبيعة الحياة الاقتصادية والقانونية، لا سيما في ظل تداخل الأعمال وتنوع صور النشاط الاقتصادي في العصر الحديث.

أولًا: الإطار المفاهيمي للأعمال التجارية والأعمال المدنية

  • يُعدّ فهم الإطار المفاهيمي لكل من الأعمال التجارية والأعمال المدنية حجر الزاوية في دراسة القانون الخاص،
  • حيث تقوم عليهما أغلب المعاملات الاقتصادية والاجتماعية. فالقانون المدني يُعنى بتنظيم العلاقات العادية بين الأفراد،
  • بينما يتجه القانون التجاري إلى تنظيم النشاط الاقتصادي الذي يقوم على المضاربة وتحقيق الربح.
  • ومن ثمّ، فإن التمييز بين العمل التجاري والعمل المدني لا يمثل مجرد تفرقة شكلية، بل يترتب عليه اختلاف في القواعد القانونية المطبقة،
  • سواء من حيث الإثبات أو التقادم أو الاختصاص القضائي أو الالتزامات الناشئة عن كل منهما.

1. مفهوم العمل التجاري :

العمل التجاري هو كل نشاط يقوم به الشخص بقصد المضاربة وتحقيق الربح عن طريق تداول الثروات أو تقديم الخدمات بطريقة مهنية ومنظمة.
وقد نصت التشريعات العربية – ومنها القانون التجاري المصري – على تعريفات وتعدادات للأعمال التجارية، فوفقًا للمادة (4) من القانون التجاري المصري رقم 17 لسنة 1999، تُعدّ الأعمال التالية تجارية:

  • شراء المنقولات أو العقارات بقصد بيعها أو تأجيرها.
  • أعمال البنوك والصرافة والتأمين.
  • أعمال النقل البري أو البحري أو الجوي.
  • أعمال السمسرة والوكالة بالعمولة.
  • الأعمال المتعلقة بالمصانع والمتاجر والمكاتب التجارية.

يتضح من ذلك أن معيار الربح والمضاربة هو العنصر المميز للأعمال التجارية، حيث يُقصد بها تداول الثروات بغرض تحقيق الكسب.

2. مفهوم العمل المدني :

أما العمل المدني، فهو كل نشاط لا يُعدّ تجاريًا وفقًا للقانون، أي أنه لا يهدف إلى المضاربة أو الربح، بل يقوم على فكرة تحقيق منفعة شخصية أو أداء واجب اجتماعي أو مهني.
ويتجلى ذلك في الأعمال التي يقوم بها الأفراد في حياتهم اليومية، مثل:

  • شراء الأفراد للأشياء لاستعمالهم الشخصي.
  • ممارسة الحرف الحرة كالطب والمحاماة والهندسة.
  • العقود التي تهدف إلى تحقيق مصلحة خاصة دون قصد المضاربة.

فالعمل المدني إذن يتميز بكونه نشاطًا طبيعيًا يقوم به الإنسان لتحقيق حاجاته الشخصية، دون أن يتخذ من المضاربة وسيلة للربح المنظم.

ثانيًا: الأسس والمعايير الفقهية والقانونية للتفرقة بين الأعمال التجارية والأعمال المدنية

تعددت المعايير التي اعتمدها الفقهاء والقوانين للتمييز بين العمل التجاري والعمل المدني، ويمكن إجمالها فيما يلي:

1. معيار المضاربة والربح :

  • يُعتبر هذا المعيار من أكثر المعايير شيوعًا في الفقه التجاري.
  • ويقصد به أن العمل يكون تجاريًا إذا كان الهدف الأساسي منه هو تحقيق الربح من خلال تداول الثروات أو استثمارها.
  • وعليه، فإن العمل الذي يقوم به الشخص بقصد الكسب عن طريق الشراء والبيع أو تقديم الخدمات مقابل عائد مادي يُعد عملاً تجاريًا.
  • أما الأعمال التي تهدف إلى تحقيق غرض شخصي أو اجتماعي أو مهني دون نية المضاربة، فتُعد أعمالاً مدنية.

مثال تطبيقي:

  • شراء تاجر للأقمشة لإعادة بيعها يُعد عملاً تجاريًا، لأنه يهدف إلى الربح.
  • أما شراء شخص لملابس لاستعماله الشخصي فهو عمل مدني لأنه لا يقصد به المضاربة.

2. معيار التداول :

  • يُقصد به أن الأعمال التي تتعلق بتداول السلع أو الثروات بين المنتج والمستهلك تُعد أعمالًا تجارية، بينما تظل الأعمال المتعلقة بالإنتاج أو الاستهلاك النهائي مدنية.
  • فالذي يشتري سلعة لإعادة بيعها يتوسط بين المنتج والمستهلك، فيمارس عملاً تجاريًا.
  • أما من يشتري سلعة لاستهلاكها الشخصي فلا يشارك في التداول، ويقوم بعمل مدني.

3. معيار المشروع أو الحرفة التجارية:

  • يعتمد هذا المعيار على فكرة التنظيم والاحتراف.
  • فإذا كان الشخص يمارس نشاطًا على نحو متكرر ومنظم بقصد تحقيق الربح، فإن نشاطه يُعد تجاريًا.
  • بينما إذا قام الشخص بعمل لمرة واحدة أو دون تنظيم مستمر، فإنه لا يُعد تاجرًا، ويعتبر عمله مدنيًا.

مثال:

  • شخص يمتلك متجراً يبيع فيه البضائع بصفة مستمرة يُعد تاجراً وأعماله تجارية.
  • أما من يبيع شيئًا من ممتلكاته لمرة واحدة فعمله مدني.

4. معيار القانون :

اعتمد المشرّع في كثير من الأحيان على تعداد قانوني للأعمال التجارية دون النظر إلى نية القائم بها.
فبعض الأعمال تُعد تجارية “بحكم القانون” ولو لم يكن الهدف منها الربح، مثل أعمال البنوك والتأمين والنقل.
وهذا ما يُعرف بـ المعيار الشكلي أو الموضوعي القانوني.

5. معيار المختلط :

  • قد يجمع العمل الواحد بين الطبيعة التجارية والمدنية في آنٍ واحد.
  • فمثلاً، عقد القرض يُعد مدنيًا إذا تم بين أفراد لا يمارسون التجارة، ولكنه يُعتبر تجاريًا إذا كان القرض بين تاجرين ولغرض النشاط التجاري.
  • ومن هنا وُجدت فئة الأعمال “المختلطة” التي تختلف طبيعتها بحسب صفة أطرافها أو الغرض منها.

ثالثًا: أنواع الأعمال التجارية في القانون

ميز الفقه والقانون بين عدة أنواع من الأعمال التجارية وفقًا لطبيعتها القانونية:

1. الأعمال التجارية بطبيعتها :

وهي الأعمال التي تُعد تجارية بغض النظر عن من يقوم بها، لأنها تتعلق بطبيعة النشاط ذاته، مثل:

  • أعمال البنوك والتأمين.
  • أعمال النقل.
  • أعمال السمسرة والوكالة بالعمولة.
  • أعمال التجارة البحرية.

فهذه الأعمال تظل تجارية حتى لو قام بها شخص غير تاجر.

2. الأعمال التجارية بالتبعية :

  • وهي الأعمال التي تكون في الأصل مدنية، ولكنها تصبح تجارية إذا صدرت من تاجر ولغرض تجارته.
  • فمثلاً، إذا اشترى تاجر سيارة لاستخدامها في توصيل البضائع، فإن الشراء يُعد عملاً تجاريًا بالتبعية.

3. الأعمال التجارية بالتبعية القانونية أو الشخصية :

  • وهي التي تُعتبر تجارية لأن أحد أطرافها تاجر، أو لأن القانون نص على اعتبارها كذلك حفاظًا على استقرار المعاملات التجارية.

4. الأعمال التجارية المختلطة :

  • هي التي تكون تجارية بالنسبة لأحد الأطراف ومدنية بالنسبة للطرف الآخر.
  • مثل: عقد يبرمه تاجر لشراء سلعة من شخص عادي لاستعماله الشخصي؛ فيُعتبر العمل تجاريًا من جهة التاجر ومدنيًا من جهة البائع العادي.

رابعًا: الآثار القانونية المترتبة على التفرقة بين الأعمال التجارية والأعمال المدنية

تترتب على هذه التفرقة مجموعة من النتائج القانونية الجوهرية، أهمها:

1. من حيث الإثبات :

  • في القانون التجاري، يُسمح بإثبات الالتزامات التجارية بجميع طرق الإثبات، بما في ذلك البينة والقرائن،
  • حتى لو تجاوزت قيمة الالتزام الحد المقرر في القانون المدني للإثبات بالكتابة.
  • أما في الأعمال المدنية، فلا يجوز الإثبات بالبينة فيما يخالف أو يجاوز ما ورد بالكتابة إلا في حالات محددة.

2. من حيث التقادم :

  • تتقادم الدعاوى الناشئة عن الأعمال التجارية في مدة أقصر من تلك المتعلقة بالأعمال المدنية.
  • ففي القانون المصري، تتقادم الدعاوى التجارية عادةً بمضي خمس سنوات، بينما تتقادم الدعاوى المدنية بمضي خمس عشرة سنة ما لم يُنص على خلاف ذلك.

3. من حيث الاختصاص القضائي :

  • تُختص المحاكم الاقتصادية أو التجارية بنظر المنازعات المتعلقة بالأعمال التجارية، بينما تُختص المحاكم المدنية بنظر المنازعات المدنية.
  • ويُعد هذا من أهم الفروق الإجرائية التي تنعكس على سرعة البت في القضايا التجارية.

4. من حيث التضامن بين المدينين :

  • الأصل في القانون التجاري أن التضامن بين المدينين يُفترض ما لم يُنص على خلاف ذلك، حرصًا على سرعة تداول الحقوق.
  • أما في القانون المدني، فالتضامن لا يُفترض إلا بنص أو اتفاق صريح.

5. من حيث الإفلاس والإعسار :

  • يخضع التاجر الذي يتوقف عن دفع ديونه التجارية لنظام الإفلاس، بينما يخضع الشخص المدني لنظام الإعسار.
  • ويختلف النظامان من حيث الإجراءات والآثار المترتبة على المدين ودائنيه.

6. من حيث الفوائد :

  • يجوز في المعاملات التجارية الاتفاق على تقاضي فوائد قانونية أو اتفاقية، أما في المعاملات المدنية فالأمر أكثر تقييدًا، ولا يجوز تقاضي فوائد إلا بشروط محددة.

خامسًا: التطبيقات العملية للتفرقة بين الأعمال التجارية والمدنية

التطبيقات العملية للتفرقة بين الأعمال التجارية والمدنية، وهو أحد أهم الجوانب التي تُظهر القيمة الحقيقية للتمييز بين هذين النوعين من الأعمال في الواقع القانوني والاقتصادي:

1. في العقود :

  • البيع التجاري: شراء السلع لإعادة بيعها لتحقيق الربح.
  • البيع المدني: شراء السلع للاستهلاك الشخصي.

2. في القروض :

  • القرض التجاري: يكون بين تاجرين ولغرض تمويل النشاط التجاري.
  • القرض المدني: يكون بين أفراد أو أقارب دون نية تجارية.

3. في الوكالة :

  • الوكالة التجارية: تتم لحساب التجار أو المؤسسات التجارية مقابل عمولة.

  • الوكالة المدنية: تتم لمصلحة شخصية أو عائلية دون مقابل أو مضاربة.

4. في النقل :

  • شركات النقل تمارس أعمالًا تجارية لأنها تقدم خدمة النقل بمقابل منتظم.
  • أما الشخص الذي ينقل غيره لمرة واحدة مجانًا فعمله مدني.

سادسًا: الإشكالات الحديثة في التفرقة بين الأعمال التجارية والمدنية

  • مع تطور الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية، أصبح من الصعب أحيانًا تحديد الطبيعة القانونية للعمل.
  • فهل بيع المنتجات عبر الإنترنت عمل تجاري؟
  • الإجابة غالبًا نعم، إذا تم بشكل منتظم وبقصد الربح، حتى وإن لم يكن هناك محل تجاري تقليدي.
  • كما أن ظهور الأنشطة الحرة عبر المنصات الرقمية، مثل التسويق الإلكتروني أو العمل عن بعد، يطرح تحديات جديدة أمام المشرّع لتحديد صفة هذه الأعمال، وهل تخضع لأحكام القانون التجاري أو المدني.

ومن الإشكالات الحديثة أيضًا:

  • انتشار الشركات الناشئة التي تجمع بين النشاط التجاري والتقني.
  • الخدمات الرقمية التي تُقدَّم عبر تطبيقات لا تخضع أحيانًا لتقنين واضح.
  • التمويل الجماعي الإلكتروني الذي قد يثير تداخلاً بين الأعمال المدنية والتجارية والمالية.

سابعًا: الفروق الجوهرية بين القانون التجاري والقانون المدني

يشترك القانون التجاري والقانون المدني في كونهما فرعين من فروع القانون الخاص، لكنهما يختلفان في الغاية والمجال والمبادئ التي يقوم عليها كل منهما. فبينما يهتم القانون المدني بتنظيم العلاقات بين الأفراد على نحو متزن يحقق العدالة، يهدف القانون التجاري إلى تنظيم النشاط الاقتصادي الذي يتسم بالسرعة والائتمان والمخاطرة.
وفيما يلي تفصيل لأبرز الفروق الجوهرية بينهما:

أولاً: من حيث الغاية والوظيفة :

  • القانون المدني:
    يهدف إلى تحقيق العدالة والاستقرار في العلاقات الخاصة بين الأفراد، كعقود البيع والإيجار والوصية والهبة.
    فهو يُعنى بتنظيم المعاملات التي تمسّ الحياة اليومية للأشخاص الطبيعيين بعيدًا عن المضاربة أو الربح.

  • القانون التجاري:
    يهدف إلى تحقيق السرعة والائتمان في المعاملات الاقتصادية والتجارية، ويُعنى بتسهيل حركة الأموال والسلع وتشجيع النشاط التجاري.
    ومن ثم فإن المشرّع يُضحي أحيانًا ببعض الشكليات والدقة تحقيقًا للثقة والسرعة في التعامل.

الخلاصة:
المدني يسعى إلى العدالة،
والتجاري يسعى إلى السرعة والائتمان.

ثانيًا: من حيث نطاق التطبيق :

  • القانون المدني:
    هو الأصل العام الذي تُطبق أحكامه على جميع العلاقات الخاصة ما لم يوجد نص خاص في فرع آخر من فروع القانون.
    فهو الإطار الذي يُرجع إليه في حال غياب النص التجاري.

  • القانون التجاري:
    يُعد قانونًا خاصًا، يُطبّق فقط على الأعمال التجارية والتجار.
    وإذا لم يوجد نص في القانون التجاري، يُرجع إلى أحكام القانون المدني باعتباره الأصل العام.

الخلاصة:
القانون المدني هو القانون العام للعلاقات الخاصة،
أما التجاري فهو قانون خاص للأعمال التجارية.

ثالثًا: من حيث الأشخاص المخاطبين بأحكامه :

  • القانون المدني:
    يخاطب جميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين دون تمييز بين تاجر وغير تاجر.

  • القانون التجاري:
    يخاطب فئة محددة من الأشخاص، وهم التجار، وكذلك الأشخاص الذين يقومون بأعمال تجارية ولو لم يكونوا تجارًا.

الخلاصة:
القانون المدني عام في المخاطبين،
بينما القانون التجاري يخص فئة التجار ومن يمارس الأعمال التجارية.

رابعًا: من حيث مصدر الالتزامات :

  • في القانون المدني:
    مصدر الالتزامات يكون غالبًا العقود أو الأفعال الضارة (المسؤولية التقصيرية) أو القانون نفسه.

  • في القانون التجاري:
    مصدر الالتزامات يكون في الغالب العقود التجارية والأعمال ذات الطابع التجاري مثل البيع التجاري، الأوراق التجارية، الحساب الجاري، والائتمان.

الخلاصة:
الالتزامات المدنية أكثر تنوعًا،
بينما الالتزامات التجارية تتركز حول النشاط الاقتصادي والربح.

خامسًا: من حيث شكلية التصرفات والإجراءات :

  • القانون المدني:
    يميل إلى الشكليات في إبرام العقود والالتزامات، حفاظًا على استقرار المعاملات وحماية الأفراد.
    فالإثبات بالكتابة مطلوب في كثير من الحالات، خاصة إذا تجاوزت قيمة الالتزام مبلغًا معينًا.

  • القانون التجاري:
    يقوم على الحرية والبساطة والسرعة، فلا يُلزم غالبًا بالشكليات، ويُقبل الإثبات بالبينة أو القرائن أو الفواتير أو المراسلات التجارية.

الخلاصة:
المدني يقوم على الشكليات،
والتجاري يقوم على المرونة والسرعة.

سادسًا: من حيث نظام الإثبات :

  • في القانون المدني:
    لا يجوز الإثبات بالبينة في الالتزامات التي تزيد عن حد معين (مثلاً 500 جنيه في القانون المصري)، ويجب الإثبات بالكتابة ما لم يوجد اتفاق أو استثناء قانوني.

  • في القانون التجاري:
    يجوز الإثبات بجميع الوسائل، بما في ذلك الشهود والقرائن والمستندات غير الرسمية، مراعاة لسرعة المعاملات وثقة التجار بعضهم ببعض.

الخلاصة:
حرية الإثبات مبدأ في القانون التجاري،
أما التقييد بالكتابة فهو مبدأ في القانون المدني.

سابعًا: من حيث التقادم (مدة سقوط الحقوق) :

  • في القانون المدني:
    الأصل أن التقادم هو خمس عشرة سنة ما لم يُنص على خلاف ذلك.
    الهدف هو حماية الحقوق الخاصة على المدى الطويل.

  • في القانون التجاري:
    المدة أقصر، عادةً خمس سنوات، وذلك لأن المعاملات التجارية تتطلب سرعة في تصفية الحقوق وعدم بقاء الالتزامات معلقة.

الخلاصة:
التقادم المدني طويل لحماية الحقوق،
أما التقادم التجاري قصير لضمان استقرار المعاملات.

ثامنًا: من حيث التضامن بين المدينين :

  • في القانون المدني:
    التضامن بين المدينين لا يُفترض، بل يجب أن يُنص عليه صراحة في العقد أو القانون.

  • في القانون التجاري:
    التضامن يُفترض بين المدينين في الالتزامات التجارية ما لم يُنص على خلاف ذلك، حرصًا على سرعة استيفاء الديون.

الخلاصة:
في المدني: التضامن استثناء،
في التجاري: التضامن قاعدة.

تاسعًا: من حيث نظام المدين المتوقف عن السداد :

  • في القانون المدني:
    يخضع المدين لنظام الإعسار المدني، وهو نظام يهدف إلى حماية المدين الذي تتجاوز ديونه قدرته على السداد، مع الحفاظ على كرامته وحقوقه الأساسية.

  • في القانون التجاري:
    يخضع المدين التاجر لنظام الإفلاس، وهو نظام أكثر صرامة، يهدف إلى حماية الائتمان التجاري وضمان حقوق الدائنين، وقد يترتب عليه جزاءات جنائية أو مهنية.

الخلاصة:
الإعسار نظام حمائي،
والإفلاس نظام ردعي وتنظيمي.

عاشرًا: من حيث الفوائد على الديون :

  • في القانون المدني:
    لا تُحتسب الفوائد إلا إذا تم الاتفاق عليها صراحة، وبنسبة محددة لا تتجاوز الحد القانوني.
    كما أن الفوائد لا تُحتسب على الفوائد المتأخرة إلا في حالات استثنائية.

  • في القانون التجاري:
    الفوائد أمر معتاد ومشروع في الديون التجارية، بل قد تُحتسب قانونًا حتى دون اتفاق، باعتبارها عنصرًا جوهريًا في الائتمان التجاري.

الخلاصة:
الفوائد في المدني استثناء،
وفي التجاري أصل.

حادي عشر: من حيث دور العرف :

  • في القانون المدني:
    العرف يُعتبر مصدرًا احتياطيًا بعد القانون.
    فلا يُعمل به إلا عند غياب نص قانوني.

  • في القانون التجاري:
    العرف يُعد مصدرًا أساسيًا ومكملاً للنصوص القانونية، بل يُقدَّم على القواعد العامة المدنية في كثير من الحالات.

الخلاصة:
العرف في المدني احتياطي،
وفي التجاري أساسي.

ثاني عشر: من حيث طبيعة العقود :

  • العقود المدنية:
    تقوم غالبًا على التوازن والمساواة بين أطرافها، وتهدف إلى تحقيق مصلحة متبادلة بعيدًا عن المضاربة.

  • العقود التجارية:
    تقوم على الربح والمخاطرة، وغالبًا ما تكون نمطية وسريعة التنفيذ، وقد تتضمن شروطًا صارمة لحماية الائتمان.

الخلاصة:
العقود المدنية تقوم على التوازن،
بينما العقود التجارية تقوم على الربح والمخاطرة.

ثالث عشر: من حيث الاختصاص القضائي :

  • القانون المدني:
    تختص بنزاعاته المحاكم المدنية العادية.

  • القانون التجاري:
    تختص بها المحاكم الاقتصادية أو التجارية، لما تتطلبه من خبرة خاصة وسرعة في الفصل.

الخلاصة:
القضايا المدنية أمام المحاكم العادية،
والقضايا التجارية أمام محاكم متخصصة.

رابع عشر: من حيث التنفيذ والإجراءات القضائية :

  • في القانون المدني:
    الإجراءات القضائية بطيئة نسبياً لضمان العدالة والتحقق الكامل من الحقوق.

  • في القانون التجاري:
    الإجراءات أسرع، والمحاكم التجارية تتبنى مبدأ السرعة والاختصار لتلبية متطلبات السوق.

الخلاصة:
القانون التجاري يتبنى السرعة والفعالية،
بينما القانون المدني يركز على التحقق والدقة.

خامس عشر: من حيث نطاق تطبيق المسؤولية :

  • في القانون المدني:
    المسؤولية تقوم غالبًا على الخطأ الشخصي.
    فيجب على المدعي أن يثبت الخطأ والضرر وعلاقة السببية.

  • في القانون التجاري:
    قد تقوم المسؤولية حتى دون خطأ واضح، وتكون أحيانًا موضوعية لحماية الثقة والائتمان التجاري، كمسؤولية البنك أو الناقل أو التاجر عن البضائع.

الخلاصة:
المسؤولية المدنية قائمة على الخطأ،
أما التجارية قد تكون موضوعية لحماية السوق.

ثامنًا: الفقه والقضاء في تحديد الطبيعة القانونية للأعمال

اتجه الفقه إلى اعتبار أن التفرقة بين الأعمال التجارية والمدنية مسألة مرنة تُقدّر وفق الظروف المحيطة بكل عمل.
أما القضاء، فله دور كبير في تفسير النصوص وتطبيق المعايير المختلفة لتحديد الطبيعة القانونية للنشاط، خاصة في الأعمال الحديثة.
وقد أكدت محكمة النقض المصرية في العديد من أحكامها أن:

  • “العمل يُعد تجاريًا إذا كان الغرض منه المضاربة بقصد الربح ولو لم يتحقق هذا الربح فعلاً.”

كما أكدت أن:

  • “الصفة التجارية تُقدّر بطبيعة العمل ذاته لا بشخص من يقوم به إلا إذا كان القانون قد ربطها بصفة التاجر.”

تاسعًا: أثر التفرقة على الأشخاص – التاجر وغير التاجر

يترتب على اعتبار الشخص تاجرًا التزامات قانونية محددة، أهمها:

  1. القيد في السجل التجاري.
  2. إمساك الدفاتر التجارية.
  3. الخضوع لنظام الإفلاس.
  4. الخضوع للضرائب التجارية.

أما غير التاجر، فلا يُلزم بتلك الالتزامات، ويخضع لأحكام القانون المدني.

عاشرًا: التجارب المقارنة في التفرقة بين الأعمال التجارية والمدنية

تُعدّ التفرقة بين الأعمال التجارية والأعمال المدنية من المسائل التي تباينت فيها مواقف التشريعات عبر العالم، تبعًا لاختلاف فلسفة كل نظام قانوني، وطبيعة اقتصاده، ومدى اعتماده على المبادرة الفردية والتجارة الحرة.

1. في القانون الفرنسي :

  • القانون الفرنسي هو الأصل الذي استلهمت منه معظم التشريعات العربية، ويقوم على معيار الموضوع،
  • حيث تُعد الأعمال تجارية بطبيعتها إذا وردت ضمن قائمة محددة في القانون.

2. في القانون المصري :

  • اعتمد المشرع المصري على مزيج من المعيار الموضوعي والشخصي، فاعتبر بعض الأعمال تجارية بذاتها،
  • وبعضها تجاريًا إذا صدرت عن تاجر ولغرض تجارته.

3. في التشريعات العربية الأخرى :

  • القانون الأردني واللبناني والسوري تأثروا بالنموذج الفرنسي.
  • القانون الخليجي (كالسعودي والإماراتي) اتجه نحو توسيع نطاق الأعمال التجارية لتشمل الأنشطة الحديثة مثل التجارة الإلكترونية.

 

يتمتع مكتبنا بخبرة واسعة في مختلف أنواع القضايا والمسائل القانونية، مما يجعله خيارًا مثاليًا لكل من يبحث عن حلول قانونية دقيقة وفعالة. سواء كنت تواجه قضية شخصية أو تجارية، أو تحتاج إلى توجيه قانوني متخصص، فإن فريق المحامين لدينا على استعداد لتقديم الدعم الكامل لك.

لمعرفة المزيد عن خدماتنا أو لحجز استشارة قانونية، يمكنك التواصل معنا عبر الضغط على الرابط التالي، أو ملء النموذج أدناه وسنقوم بالرد عليك في أقرب وقت ممكن:

[“contact-form-7 id=”218″ title=”اتصل بنا”]